سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
جماع أبواب سيرته- صلى الله عليه وسلم- في الشعر

الباب الأول في مدحه- صلى الله عليه وسلم- لحسن الشعر وذمه لقبيحه وتنفيره من الإكثار منه

روى الإمام الشافعي وأبو يعلى عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- والإمام الشافعي عن عروة مرسلا والدارقطني مرسلا بذكر عائشة قالت : ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعر فقال : كلام فحسنه حسن ، وقبيحه قبيح .

وروى البخاري في الأدب والدارقطني عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الشعر بمنزلة الكلام ، حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام» .

وروى الحارث بن أبي أسامة عن رجل من أهل اليمن عن رجل من هذيل عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن هذا الشعر جزل من كلام العرب ، به يعطى السائل ، وبه يكظم الغيظ ، وبه يتبلع القوم في ناديهم» .

وروى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود وابن ماجه عن أبي بن كعب وابن عباس - رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن من الشعر لحكمة» .

وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه- أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلام بين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا ، وإن من الشعر لحكمة .

وروى البخاري عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن من الشعر لحكمة» .

وروى مسدد والدارقطني عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- والإمام أحمد والبخاري عن ابن عمر والإمام أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص ، والإمام أحمد ومسلم عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا» .

وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «امرؤ القيس صاحب لواء الشعر إلى النار» [ ص: 347 ]

وروى إسحاق بن راهويه بسند حسن عن سلمة بن الأكوع- رضي الله تعالى عنه- قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بعض القوم بكلام «فيه شبه» الرجز ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قم يا سلمة» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك وابن جرير عن كعب بن مالك- رضي الله تعالى عنه- أنه قال : يا رسول الله ، ماذا ترى في الشعر ؟ فقال : «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه» .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن مالك بن عمير- رضي الله تعالى عنه- قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتح وخيبر والطائف ، فقلت : يا رسول الله إني امرؤ شاعر فأفتني في الشعر فقال : «لأن يمتلئ ما بين لبتك إلى عاتقك قيحا خير لك من أن تمتلئ شعرا» قال : قلت : يا رسول الله ، فامسح عني الخطيئة ، قال : فوضع يده على رأسي ثم أمرها على كبدي ، ثم على بطني ، حتى إني لأحتشم من مبلغ يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : «إن أتاك منه شيء فشبب بامرأتك ، وامدح راحلتك» ، قال : فما قلت شيئا بعد ذاك . ومالك الذي يقول :


ومن ينتزع ما ليس من شوس نفسه يدعه ويغلبه على النفس خيمها

فشاب ابن مالك رأسه ولحيته غير موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 348 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية