سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني في محبته- صلى الله عليه وسلم- للفأل الحسن وتركه الطيرة

روى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن بريدة- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شيء ، ولكنه كان إذا أراد أن يأتي أرضا سأل عن اسمها ، فإن كان حسنا فرح به ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه ، فكان إذا بعث رجلا وفي لفظ عاملا سأل عن اسمه فإن كان حسن فرح له ، ورؤي البشر في وجهه ، وإن كان قبيحا رؤي كراهية ذلك في وجهه .

وروى الإمام أحمد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ، ويعجبه كل اسم حسن .

وروى أبو داود وابن حبان عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال : «أخذنا فألك من فيك» .

وروى الترمذي وصححه عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه إذا خرج لحاجة أن يسمع يا راشد ، يا نجيح .

وروى البخاري في الأدب عن أبي حدرة- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يسوق إبلنا هذه ؟ أو قال : من يبلغ هذه ؟ قال رجل : أنا فقال ما اسمك ؟

قال : فلان . قال : اجلس ثم قام آخر ، فقال فلان فقال اجلس ثم قام آخر ، فقال : ما اسمك ؟ قال : ناجية ، قال : أنت لها فسقها .


وروى محمد بن يحيى بن أبي عمر عن الحضرمي بن لاحق والبزار عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا أبردتم بريدا ، فأبردوه حسن الوجه حسن الاسم» .

وروى الطبراني - رحمه الله تعالى- برجال ثقات غير سعيد بن أسد بن موسى فيحرر حاله عن عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : صخر أو جندل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اجلس ، ثم قال : «من يبلغنا من لقاحنا ؟ » فقام رجل آخر ، فقال : أنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ قال : يعيش ، قال : «بلغنا من لقاحنا» .

وروى الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد موقوفا عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ناقة يوما فقال من يحلب هذه ؟ فقام رجل ، فقال : أنا ، فقال له : ما اسمك ؟ فقال الرجل : مرة فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل آخر : أنا ، فقال : «ما اسمك ؟ » فقال : [ ص: 356 ] جمرة ، فقال له : اجلس ، ثم قال : «من يحلب هذه ؟ » فقال رجل : أنا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ فقال : يعيش ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «احلبها» .

وروى الحكيم الترمذي والقاسم بن أصبع عن عبد الله بن بريدة نحوه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير ولكن يتفاءل ، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث توجه إلى المدينة ، فرد إليهم ، فركب بريدة في سبعين راكبا من قريش ، فتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم : من أنت ؟ قال : أنا بريدة ، فالتفت إلى أبي بكر- رضي الله تعالى عنه- فقال : يا أبا بكر ، برد أمرنا وصلح قال : وممن أنت ؟ قال : من أسلم ، فقال لأبي بكر : سلمنا ، قال : وممن ؟ قال : من بني سهم ، قال : خرج سهمك ، فأسلم بريدة ، وأسلم الذين معه ، وتقدمت القصة في حديث الهجرة .

وروى الطبراني برجال ثقات غير كثير بن عبد الله ضعيف ، وحسن له الترمذي عن عمرو بن عوف المزني- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : هاكها خضرة ، فقال رسول الله : «يا لبيك ، نحن أخذنا ذلك من فيك اخرجوا بنا إلى خضرة» ، فخرجوا إليها فما سل فيها سيف ورواه أبو نعيم في الطب من حديث عبد الله بن كثير المزني عن أبيه عن جده .

وروى الشيخان عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل الصالح ، والكلمة الطيبة» .

التالي السابق


الخدمات العلمية