سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قال ابن القيم في المفتاح في قوله «لا عدوى» هذا يحتمل أن يكون نفيا وأن يكون نهيا أي : لا تطيروا ، ولكن قوله في الحديث «لا عدوى ولا صفر ولا هامة يدل على أن المراد النهي وإبطال هذه الأمور التي كانت الجاهلية تعنيها ، والنفي في هذا أبلغ ، لأن النفي يدل على بطلان ذلك ، وعدم تأثيره ، والنهي يدل على المنع منه انتهى .

وروي : والفأل الصالح أي هو من تتمة الحديث المرفوع ، وليس مدرجا بذلك الأثر قاله الخطابي وابن الأثير .

قال الخطابي : قد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أن الفأل هو أن يسمع الإنسان الكلمة الحسنة ، فيفأل بها أي يتبرك بها ، ويتأولها على المعنى الذي يطابق اسمها وأن الطيرة بخلافها ، وإنما أخذت من اسم الطير ، وذلك أن العرب كانت تتشاءم ببروح الطير إذا كانت في سفر أو مسير [ ص: 357 ]

ومنهم من كان يتطير بسنوحها فيصدهم ذلك عن المسير ويردهم عن بلوغ ما يتمنونه من مقاصدهم ، فأبطل ذلك صلى الله عليه وسلم أن يكون لشيء منها تأثير في اجتلاب ضرر أو نفع ، واستحب الفأل بالكلمة الحسنة يسمعها من ناحية حسن الظن بالله- عز وجل- .

وروي عن الأصمعي- رحمه الله تعالى عليه- أنه قال : سألت ابن عون عن الفأل فقال : هو أن تكون مريضا ، فتسمع يا سالم ، أو تكون طالب ضالة ، فتسمع يا نجيح ، أو يا واجد قال في النهاية : فيقع في ظنه أن يبرأ من مرضه وأنه يجد ضالته قال : وإنما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الفأل ، لأن الناس إذا أملوا فائدة من الله تعالى ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي ، فهم على خير ، ولو غلطوا في جهة الرجاء فإن الرجاء لهم خير ، فإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله تعالى كان ذلك من الشر .

وأما الطيرة فإن فيها سوء الظن بالله تعالى وتوقع البلاء .

الثاني في بيان غريب ما سبق :

«الفأل» بالهمزة وتركه من تفاءلت بالشيء .

وتفألت على التخفيف والقلب : استعمل فيما يسر ويسوء [ ص: 358 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية