سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قال الحافظ رحمه الله تعالى : عرف من مجموع الروايات أن الذي شاب في عنفقته صلى الله عليه وسلم أكثر من الذي شاب في غيرها . وقول أنس لما سأله قتادة هل خضب ؟ «إنما كان شيء في صدغيه» أراد أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخضاب . وقد صرح بذلك في رواية محمد بن سيرين السابقة .

الثاني : اختلف في عدد الشعرات التي شابت في رأسه صلى الله عليه وسلم ولحيته . فمقتضى حديث عبد الله بن بسر أن شيبه صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد على عشر شعرات لإيراده بصيغة القلة . وفي رواية ابن سعد : لم يبلغ ما في لحيته من الشعر عشرين شعرة . قال حميد : وأومأ إلى عنفقته سبع عشرة .

وروى أيضا عن ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : ما كان في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة .

وروى ابن أبي خيثمة عن أنس رضي الله تعالى قال : لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء . قال حميد : كن سبع عشرة .

وروى الحاكم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن أنس رضي الله تعالى عنه [ ص: 38 ] قال : لو عددت ما أقبل من شيبه صلى الله عليه وسلم في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة .

وجمع العلامة البلقيني بين هذه الروايات بأنها تدل على أن شعراته البيض لم تبلغ عشرين شعرة ، والرواية الثانية توضح أن ما دون العشرين كان سبع عشرة ، فيكون كما ذكرناه :

العشرة في عنفقته والزائد عليها يكون في بقية لحيته لأنه قال في الرواية الثالثة : لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء ، واللحية تشمل العنفقة وغيرها . وكون العشرة في العنفقة بحديث عبد الله بن بسر والبقية بالأحاديث الأخر في بقية لحيته . وكون حميد أشار إلى عنفقته سبع عشرة ليس يعلم ذلك من نفس الحديث ، والحديث لا يدل إلى على ما ذكرنا من التوفيق . وأما الرواية الرابعة فلا تنافي كون العشرة على العنفقة والزائد على غيرها . وهذا الموضع موضع تأمل . انتهى .

الثالث : سيأتي الكلام في خصائصه صلى الله عليه وسلم في أبواب زينته .

التالي السابق


الخدمات العلمية