سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الرابع : في سيرته صلى الله عليه وسلم في الكنى .

روى البخاري في الأدب عن هانئ بن يزيد- رضي الله تعالى عنه- أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه قومه فسمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يكنونه بأبي الحكم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله هو الحكم وإليه الحكم كله ، فلم تكنيت بأبي الحكم ؟ قال : لا ، ولكن قومي إذا اختلفوا في شيء فأتوني فحكمت بينهم ، فرضي كلا الفريقين ، قال : ما أحسن هذا ثم قال ما لك من الولد ، قلت له : شريح وعبد الله ومسلم بنو هانئ فقال : من أكبرهم ؟

قلت : شريح ، قال : فأنت أبو شريح ، ودعا له ولولده ، وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمون رجلا منهم عبد الحجر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اسمك ؟ فقال عبد الحجر قال : لا أنت عبد الله .

قال شريح : وإن هانئ لما حضر رجوعه إلى بلاده أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني أي شيء يوجب لي الجنة ، قال : عليك بحسن الكلام ، وبذل الطعام .


وروى الشيخان عن أبي حازم أن رجلا جاء إلى سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- فقال : هذا فلان ، لأمير المدينة يذكر عليا عند المنبر ، فقال : فماذا يقول . قال : يقول ، أبو تراب ، فضحك وقال : والله ما سماه به إلا النبي صلى الله عليه وسلم وذكره بتمامه في مناقب سيدنا علي- رضي الله تعالى عنه- .

وروى البخاري في الأدب عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال : إن كان أحب أسماء علي إليه لأبا تراب ، وكان ليفرح أن يدعى بها ، وما كناه أبا تراب ، إلا النبي صلى الله عليه وسلم غاضب يوما فاطمة فاضطجع إلى جدار المسجد ، وجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه فقال : هو ذا مضطجع في الجدار فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد امتلأ ظهره ترابا ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح [ ص: 363 ] التراب عن ظهره ويقول : اجلس أبا تراب .

وروى أبو داود عن المغيرة بن شعبة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه (بأبي عيسى ) .

وروى أحمد والترمذي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حمزة ببقلة كنت أجتنيها .

وروى ابن ماجه عن صهيب- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه بأبي يحيى .

وروى الإمام أحمد عن حمزة بن صهيب- رضي الله تعالى عنه- أن صهيبا كان يكنى أبا يحيى فقال عمر بن الخطاب ، - رضي الله تعالى عنه- : يا صهيب ، ما لك تكنى أبا يحيى ، وليس لك ولد ؟ فقال صهيب : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى .

وروى البخاري في الأدب عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا ، ولي أخ صغير ، يكنى أبا عمير ، وكانت له نغر يلعب به ، فمات فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فرآه حزينا ، فقال : ما شأنه ؟ فقال : مات نغيره ، فقال : يا أبا عمير ، ما فعل النغير ؟ .

وروى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : قلت : يا رسول الله كنيت نساءك ، وما كنيتني ؟ فقال : تكني بابن أختك عبد الله يعني ابن الزبير ، وكانت تكنى بأم عبد الله .

وروى البزار برجال ثقات غير أبي المنهال البكراوي فيحرر رجاله عن أبي بكرة- رضي الله تعالى عنه- قال : لما كان يوم الطائف ، تدليت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكرة فقال : أنت أبو بكرة .

روى البخاري عن أسامة بن زيد- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار على إكاف على قطيفة فدكية ، وأردف أسامة وراءه ، يعود سعد بن عبادة قبل واقعة بدر ، فسار حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك قبل أن يسلم عبد الله وفي المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين وعباد الأوثان واليهود ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه قال : لا تغبروا علينا . فسلم النبي صلى الله عليه وسلم ووقف ونزل ، فدعاهم إلى الله ، فقرأ عليهم القرآن فقال له عبد الله بن أبي : يا أيها المرء ، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقا ، فلا تؤذنا به في مجالسنا وارجع إلى [ ص: 364 ] رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه . قال ابن رواحة : بلى يا رسول الله ، فاغشنا به في مجالسنا ، فإنا نحب ذلك . فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا ، فركب النبي صلى الله عليه وسلم دابته حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له : أي سعد ، ألم تسمع ما قال أبو حباب- يريد عبد الله ابن أبي-

قال سعد : يا رسول الله ، اعف عنه ، واصفح ، فلقد أعطاك الله ما أعطاك ، ولقد اجتمع أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبوه ، فلما رد ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك ، فذلك الذي فعل به ما رأيت .


الخامس : في اختصاره صلى الله عليه وسلم بعض أسماء أصحابه .

روى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا عائش ، هذا جبريل ، يقرأ عليك السلام ، قالت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته .

وروى البخاري في الأدب عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان- رضي الله تعالى عنه- اكتب يا عثم .

التالي السابق


الخدمات العلمية