سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السابع عشر في خروجه- صلى الله عليه وسلم- لبساتين بعض أصحابه ومحبته لرؤية الخضرة وإعجابه

روى ابن السني وابن عدي وأبو نعيم عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- قال :

كان
أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة ، والماء الجاري ، والوجه الحسن .


وروى ابن السني وأبو نعيم عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : كان أحب الألوان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضرة ، وكان يعجبه النظر إلى الخضرة ، والماء الجاري والوجه الحسن .

وروى أبو نعيم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه النظر إلى الخضرة .

وروى الطبراني وابن السني وأبو نعيم عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : يا خضرة ، فقال : لبيك أخذنا فألنا من فيك .

وروى أبو داود الطيالسي والترمذي عن معاذ بن جبل- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه ، وفي لفظ «يستحب» الصلاة في الحيطان قال أبو داود : يعني :

البساتين .

وروى البخاري في الأدب عن المقدام بن شريح عن أبيه قال : سألت عائشة- رضي الله تعالى عنها- عن البدو قلت : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو ؟ قالت : نعم ، كان يبدو إلى هؤلاء التلاع .

وروى الإمام مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء ماشيا وراكبا .

قال أبو عمر- رحمه الله في التمهيد : قيل : كان يأتي يتفرج في حيطانها ، ويستريح عندهم .

لطيفة : قال بعض العلماء : - رحمهم الله تعالى- : إن الطبيعة لتمل الشيء الواحد إذا دام عليها ، ولذلك اتخذت ألوان الأطعمة وأصناف الشراب وأنواع الطيب وأطلق التزويج بأربع نسوة ورسم البيت ويتحول من مكان إلى مكان ، والاستكثار من الإخوان والتفنن في الأدب والجمع بين الجد والهزل والزهد واللهو ، وقيل : لأبي سليمان الدارني- رحمه الله- : ما بالكم يعجبكم الخضرة ؟ فقال : لأن القلوب إذا غاصت في بحار الفكرة غشيت الأبصار فإذا نظرت [ ص: 394 ]

إلى الخضرة عاد إليها نسيم الحياة . رواه أبو نعيم

وقال ابن المقري في فوائده : حدثنا عبد الصمد بن سعيد بن العباس بن السعدي ، حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا أبو الطاهر حدثنا الموقري عن الزهري عن أنس بن مالك- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «روحوا القلوب ساعة فساعة»

وقال وهب بن منبه من حكم آل داود : حق على العاقل أن يشتغل بأربع ساعات : ساعة يناجي ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يجبرونه ويعينونه وينفسوا عن نفسه ، وساعة يخلي بين نفسه ولذاتها فيما يحل ، فإن هذه الساعة عون على باقي الساعات وإجمام للقلوب ، حق على العاقل أن لا يطعن إلا في إحدى ثلاث زاد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم رواه البيهقي في الشعب ، وفي وصية بعض الحكماء : فراغ العلماء إنما يكون في إجمام أنفسهم ، إذا كلت خواطرهم ، وضاق ذرعهم في استخراج دقائق الحكمة ، فحينئذ يروح العالم قلبه بالنزهة ، حتى يعود نشاطه ويجتمع رأيه ، ويصفو فكره .

وقال أبو عبيدة : ليس شيء أحسن عند العرب من الرياض في المعيشة ، ولا أطيب ريحا قال الأعشى :


ما روضة من رياض الحزن معشبة خضراء جاد عليها مسبل هطل     يوما بأطيب منها نشر رائحة
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل

وقال بعضهم : ما استدعى عن شارد الشعر بمثل الماء الجاري والشرف والمكان الخضر الخالي . [ ص: 395 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية