سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
قصة أخرى .

روى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته جالسا [ ص: 489 ] مع أصحابه يحدثهم قد عصب بطنه بعصابة ، فقلت لبعض أصحابه : لم عصب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطنه فقالوا : من الجوع ، فذهبت إلى أبي طلحة فأخبرته فدخل على أمي فقال : هل من شيء ؟

قالت : نعم عندي كسر من خبز وتمرات ، فإن جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أشبعناه وإن جاء معه بأحد قل عنهم ، فقال لي أبو طلحة : قم قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قام فدعه حتى يتفرق عنه أصحابه ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه ، فقل : أبي يدعوك ، ففعلت ذلك ، فلما قلت :

أبي يدعوك ، قال لأصحابه : «يا هؤلاء تعالوا» ثم أخذ بيدي فشدها ، ثم أقبل بأصحابه حتى إذا دنونا من بيتنا أرسل يدي فدخلت وأنا حزين لكثرة من جاء به ، فقلت : يا أبتاه ، قد قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قلت لي فدعا أصحابه ، وقد جاء بهم ، فخرج أبو طلحة ،
فقال : يا رسول الله ، إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك ولم يكن عندي ما يشبع من أرى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ادخل ، فإن الله سيبارك فيما عندك ، فدخلت فقال : «اجمعوا ما عندكم ثم قربوه» فقربنا ما كان عندنا من خبز وتمر ، فجعلناه على حصير فدعا فيه بالبركة ، فقال : «يدخل علي ثمانية» فأدخلت عليه ثمانية ، فجعل كفه فوق الطعام ، فقال : «كلوا وسموا الله عز وجل» فأكلوا من بين أصابعه حتى شبعوا ، ثم أمرني أن أدخل عليه ثمانية فما زال ذلك أمره حتى دخل عليه ثمانون رجلا كلهم يأكل حتى يشبع ، ثم دعاني وأمي وأبا طلحة ، فقال : «كلوا» ، فأكلنا حتى شبعنا ، ثم رفع يده ، فقال : يا أم سليم ، أين هذا من طعامك حين قدمتيه ؟ فقالت :

بأبي أنت وأمي ، لولا أني رأيتهم يأكلون لقلت : ما نقص من طعامنا شيء
.

التالي السابق


الخدمات العلمية