سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث في معجزاته صلى الله عليه وسلم في إبراء الأبكم والرتة واللقوة

روى البيهقي عن شمر بن عطية عن بعض أشياخه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة بصبي قد شب فقالت : يا رسول الله إن ابني هذا لم يتكلم منذ ولد ، فقال : «من أنا ؟ » قال : أنت رسول الله .

وروى البيهقي من طريق محمد بن يونس الكديمي ثنا معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليمامي عن أبيه عن جده قال : حججت حجة الوداع ، فدخلت دارا بمكة ، فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت منه عجبا جاءه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أنا ؟ » قال : أنت رسول الله ، قال : «صدقت ، بارك الله فيك» ، ثم إن الغلام لم يتكلم بعد ذلك حتى شب فكنا نسميه مبارك اليمامة .

قال الحافظ بن كثير : وهذا الحديث مما تكلم الناس في محمد بن يونس بسببه ، وأنكروه عليه واستغربوا شيخه ، وليس هذا مما ينكر عقلا بل ولا شرعا ، على أنه قد ورد هذا الحديث من غير طريق محمد بن يونس ، فرواه البيهقي من طريق أبي الحسين محمد أحمد بن جميع .

حدثنا العباس بن محبوب بن عثمان بن عبيد الله بن الفضل حدثنا أبي حدثنا جدي شاصونة بن عبيد قال حدثنا معرض بن عبد الله بن معيقيب عن أبيه عن جده ، قال : حججت حجة الوداع فدخلت دارا بمكة فرأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهه كدارة القمر ، فسمعت منه عجبا أتاه رجل من أهل اليمامة بغلام يوم ولد وقد لفه في خرقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا غلام من أنا ؟ » قال : أنت رسول الله ، فقال له : «بارك الله فيك» ثم إن الغلام لم يتكلم بعدها .

وروى الحاكم عن أبي عمر الزاهد قال : لما دخلت اليمن دخلت إلى حرة فسألت عن هذا الحديث فوجدته ودخلت إلى قبره فزرته .

وروى الإمام إسحاق بن إبراهيم الرملي في فوائده عن بشير بن عقربة الجهني قال : أتى عقربة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «من هذا معك ، يا عقربة ؟ » قال : ابني بحير قال : «ادن» فدنوت حتى قعدت عن يمينه ، فمسح على رأسي بيده ، فقال : «ما اسمك ؟ » قلت : بحير يا رسول الله ، قال : «لا ، ولكن اسمك بشير» وكانت في لساني عقدة فنفث النبي صلى الله عليه وسلم في في فانحلت من لساني وابيض كل شيء من رأسي ما خلا ما وضع يده عليه فكان أسود . [ ص: 20 ]

بحير : بفتح أوله وكسر المهملة كما وجد بخط الحافظ السلفي .

روى ابن سعد عن عكرمة والزهري وعاصم بن عمرو بن قتادة مرسلا أن مخوس بن معدي كرب ، قال : يا رسول الله ، ادع الله أن يذهب عني الرتة ، فدعا له ، فذهبت .

وروى أيضا عن ابن أبي عبيد من ولد عمار بن ياسر ، قال : وفد مخوس بن معدي كرب فيمن معه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرجوا من عنده ، فأصابت مخوسا اللقوة ، فرجع منهم نفر ، فقالوا : يا رسول الله ، سيد العرب ضربته اللقوة ، فادللنا على دوائه ، فقال رسول الله :

«خذوا بخيط فاحموه في النار ثم اقلبوا شفرة عينه ففيها شفاؤه وإليها مصيره» فصنعوه به فبرأ .


التالي السابق


الخدمات العلمية