سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني في بركة يده الشريفة صلى الله عليه وسلم في نبات الشعر والشعر الذي لم ينبت

روى البيهقي عن أبي الطفيل أن رجلا ولد له غلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي به فدعا له بالبركة ، وأخذ بجبهته ، فنبت شعره في جبهته كأنها هلبة فرس ، فشب الغلام ، فلما كان زمن الخوارج أجابهم فأخذه أبوه فأوثقه وحبسه ، فسقطت تلك الشعرة فشق عليه سقوطها ، فقيل له : هذا مما هممت به ، ألم تر بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعت ، فلم نزل به حتى تاب ، فرد الله تعالى عليه الشعرة بعد في وجهه ، قال أبو الفضل : فرأيتها بعد ما نبتت قد سقطت ثم رأيتها قد نبتت .

قال الحافظ محمد بن سعد في طبقاته الهلب بن يزيد بن عدي وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقرع فنبت شعره فسمي الهلب .

وروى الطبراني بسند جيد عن أبي عطية البكري ، قال : انطلق بي أهلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شاب فمسح رأسي ، قال : فرأيت أبا عطية أسود الرأس واللحية وكانت قد أتت عليه مائة سنة .

وروى الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن هلال الأنصاري قال : ذهب بي أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ادع الله له فما أنسى . وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي حتى وجدت بردها فدعا لي ، وبارك علي ، فرأيته أبيض الرأس واللحية ما يستطيع أن يفرق رأسه من الكبر ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل .

وروى البغوي في معجمه والبيهقي عن أبي الوضاح بن سلمة الجهني عن أبيه عن عمرو بن تغلب ، والطبراني عن عمرو بن ثعلبة الجهني رضي الله عنه قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسالة فأسلمت فمسح رأسي ، قال الراوي : فأتت على عمرو مائة سنة ، وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه .

وروى ابن سعد والبيهقي والطبراني في الثلاثة إلا أنه قال في الكبير : كان وسط رأس السائب أسود ، وبقيته أبيض ، وذكر الحديث عن عطاء مولى السائب بن يزيد رحمه الله تعالى [ ص: 33 ] قال : رأيت السائب لحيته بيضاء ، ورأسه أسود فقلت : يا مولاي ، ما لرأسك لا تبيض ؟ فقال : لا تبيض رأسي أبدا! ، وذلك

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مضى وأنا غلام ألعب مع الغلمان ، فسلم عليهم وأنا فيهم ، فرددت عليه السلام ، من بين الغلمان ، فدعاني ، فقال : «ما اسمك ؟ » فقلت : السائب بن يزيد بن أخت النمر فوضع يده على رأسي ، وقال : «بارك الله فيك» ، فلا يبيض موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم
.

وروى البخاري في التاريخ وابن سعد والبيهقي عن آمنة بنت أبي الشعثاء وقطبة كلاهما عن مدلوك أبي سفيان قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موالي فأسلمت فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي قال : فرأينا مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه أسود وقد شاب ما سوى ذلك .

وروى البخاري في تاريخه والبيهقي عن يونس بن محمد بن أنس الظفري عن أبيه قال :

قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن أسبوعين ، فأتي بي فمسح رأسي ، ودعا لي بالبركة وحج حجة الوداع ، وأنا ابن عشرين سنة .


قال يونس : ولقد عمر أبي حتى شاب كل شيء منه ، وما شاب موضع يد النبي صلى الله عليه وسلم من رأسه ، ولا من لحيته .

وروى الزبير بن بكار عن محمد عبد الرحمن بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأس عبادة بن سعد بن عثمان الزرقي ، ودعا له ، فمات وهو ابن ثمانين سنة ، وما شاب .

وروى ابن عساكر وإسحاق بن إبراهيم الرملي وأبو يعلى في فوائده عن بشير بن عقربة الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ، فكان أثر يده من رأسه أسود ، وسائره أبيض .

وروى الترمذي وحسنه والبيهقي وصححه عن أبي زيد الأنصاري قال : مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على رأسي وقال : «اللهم جمله وأدم جماله» قال : فبلغ بضعا ومائة سنة وما في لحيته بياض ، ولقد كان منبسط الوجه ، ولم ينقبض وجهه حتى مات .

وروى البيهقي عن أنس أن يهوديا أخذ من لحية النبي صلى الله عليه وسلم فقال : «اللهم جمله» فاسودت لحيته بعد ما كانت بيضاء .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن قتادة ، قال : حلب يهودي للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة ، فقال : [ ص: 34 ] «اللهم جمله» فاسود شعره ، حتى صار أشد سوادا من كذا وكذا ، قال معمر : وسمعت قتادة يذكر أنه عاش تسعين سنة فلم يشب .

وروى الإمام أحمد عن الذيال بن عبيد أنه سمع جده حنظلة بن جذيم بن حنيفة التميمي أن أباه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إن لي بنين ذوي لحى وإن هذا أصغرهم ، فادع الله له ، فمسح رأسه ، وقال : «بارك الله فيك» أو قال : «بورك فيك» ، قال الذيال :

(فلقد رأيت حنظلة ) يؤتى بالإنسان الوارم وجهه فيتفل على يديه ويقول : باسم الله ، ويضع يده على رأسه موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يمسح موضع الورم ، فيذهب الورم .


رواه الإمام أحمد وابن سعد والحسن ويعقوب بن سفيان وأبو يعلى وصححه والضياء في المختارة عن حنظلة برجال ثقات . [ ص: 35 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية