سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : ما اشتهر على ألسنة كثير من الناس

أنه صلى الله عليه وسلم قال : « أنا أفصح من نطق بالضاد »

فقال الحافظ عماد الدين ابن كثير - وتابعه تلميذه الزركشي - وابن الجوزي والشيخ والسخاوي : إنه لا أصل له ومعناه صحيح ، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أفصح العرب لكونهم هم الذين ينطقون بها ولا توجد في لغة غيرهم .

الثاني : في شرح غريب ما سبق :

قول القاضي رحمه الله تعالى «سلاسة طبع» : قال العلامة شمس الدين الدلجي في شرحه على «الشفا» - وهو فرد في بابه- نصب سلاسة بنزع الخافض أي مع أو بسهولة جبلة وانقياد طبيعة .

براعة منزع : أي ومنزعا بارعا ، من برع الرجل بفتح رائه وضمها ، أي فاق أقرانه ، والمنزع- بفتح أوله وثالثه : المأخذ .

وإيجاز مقطع : أي ومقطعا موجزا ، من أوجز : أتى بكلام قل لفظه وكثرت معانيه .

والمقطع- بفتح ميمه وطائه : تمام الكلام .

ونصاعة لفظ : أي ولفظا ناصعا- أي خالصا من شوائب تنافر الحروف وغرابة الألفاظ ومخالفة القياس .

وجزالة قول : أي قولا جزلا سالما من شوائب الركة وضعف التأليف قد نسجت حبره على منوال تراكيب العربية .

وصحة معان : أي ومعان صحيحة لا يتطرق إلى ألفاظها احتمال غير لائق .

وقلة تكلف : لو قال : وعدم تكلف كان أليق وأحسن .

أوتي جوامع الكلم : كالمؤكد لما قبله أو البدل منه ومن ثم فصله عنه ، لأن من جبلت طبيعته على ما ذكر من الملكات فجدير أن يجوز الكلم الجوامع ، جمع جامعة للمعاني الكثيرة .

وخص ببدائع الحكم : جمع حكمة وهي هنا كمال العلم وإتقان العمل . أي وبالحكمة البديعة ، ومن أبدع إذا أتى بشيء بديع مخترع غير مسبوق بمادة وزمان ، ويقابله التكوين لكونه مسبوقا بمادة ، والإحداث لكونه مسبوقا بزمان . [ ص: 104 ]

يحاورها : يجاوبها .

ويباريها : يعارضها . يقال هو يباريه أي يعارضه ويفعل مثل فعله ، وهما يتباريان .

ومن تأمل حديثه وسيره صلى الله عليه وسلم : جمع سيرة وفي رواية : وسبره : بباء موحدة أي نظر في نصاعة أساليبه وصياغة تراكيبه .

تتكافأ : تتساوى . دماؤهم : أي في العصمة والحرمة فكل مسلم شريفا أو وضيعا أو ضعيفا كبيرا أو صغيرا حرا أو عبدا في ذلك سواء . أو في القصاص والدية لا فضل فيهما لمسلم على مسلم : فيقاد الدين بالوضيع ، والكبير بالرضيع ، والعالم بالجاهل ، والذكر بالأنثى ، وكذا حكم الدية فيخص منه العبد إذ لا يكافئ حرا .

بذمتهم : بعهدهم وأمانهم : أدناهم : كعبيد وامرأة فإذا أعطي أحدهم أمانا فليس لأحدهم نقض أمانه .

وهم يد على من سواهم : أي هم مع كثرتهم قد جمعتهم أخوة الإسلام وجعلتهم في وجوب الاتفاق تعاونا وتناصرا على من ناوأهم وعاداهم كيد واحدة لا يسعهم أن يخذل بعضهم بعضا بل يجب أن ينصر كل أخاه . قال الله تعالى : إنما المؤمنون إخوة كأسنان المشط تماثلا وتساويا أي فهم مستوون في إجراء الأحكام عليهم .

معدن كل شيء : أصله أي أن أصول بيوتهم الشريفة تعقب أمثالها ويسري كرم أعراقها إلى فروعها لا يكون فيها خيار لمجرد ذلك ، ومن ثم قيد بقوله إذا فقهوا- بضم القاف- أي مارسوا الفقه وتعاطوه ، فأرشد أنه لا خيار فيه إلا بالفضل والتقوى فمن اتفق له مع ذلك أصل حميد شريف الأعراق كملت فضيلته وربا فضله عن غيره .

وهو بالخيار : أي بين أن يشير بالإصلاح وأن لا يشير به ، بشهادة رواية أحمد : إن شاء تكلم وإن شاء سكت فإن تكلم فيجتهد رأيه .

ما لم يتكلم : أي ما لم يعزم المستشار على الإشارة له ، فإذا عزم وجب أن يجتهد رأيه فإن أخطأ فلا غرم عليه .

الموطأون : من التوطئة بمعنى لين الجانب : أكنافا : جمع كنف أي جانب .

عن قيل وقال : أي عما يتحدث به في المجالس كقيل كذا وقال كذا . ويجوز بناؤهما على أنهما فعلان ماضيان في كل منهما ضمير ويجوز إعرابهما إجراء لهما مجرى الأسماء ولا ضمير فيهما .

ووأد البنات- بهمزة ساكنة بعد واو مفتوحة : أي : دفنهن حيات . هونا ما : بتشديد ما . [ ص: 105 ]

والهون في الأصل : السكينة ، نصب على المصدر لأن المعنى : أحب حبيبك حبا قليلا . فقليلا صفة لما اشتق منه أحبب . وما مزيدة لتأكيد معنى القلة أو على الظرف لأنه من صفات الأحيان أي أحبب في حين قليل ولا تسرف في حبه .

شعثي : ما تفرق من أمري . غائبي : باطني . ألفتي- بضم الهمزة وكسرها : مصدر بمعنى المفعول أي أليفي أو مألوفي أي ما كنت آلفه .

الكافة : الجماعة . وعن سيبويه منع استعمال الكافة معرفة ، وهي نكرة منصوبة على الحال .

مرقبة- بقاف بعد راء- بمعنى مرتبة- بتاء بعدها هاء ، كما في بعض النسخ .

حمي الوطيس : وهو في الأصل التنور شبه به الحرب لاستعار نارها وشدة وقدها فاستعار لها اسمه استعارة تحقيقية لتحقق معناها وقرنها بالحمو ترشيحا للمجاز .

مات حتف أنفه : أي بلا مباشرة قتال .

قوة عارضة : أي جلد وصرامة .

الجزالة : ضد الركاكة .

النصاعة : الخلوص . الرونق : الحسن .

كل الصيد- بضم الكاف واللام- مبتدأ . الفراء- بفتح الفاء : حمار الوحش .

لا ينتطح فيها عنزان : قال في النهاية : أي لا يلتقي فيها اثنان ضعيفان لأن النطاح من شأن التيوس والكباش لا العنوز ، وهي إشارة إلى قضية مخصوصة لا يجري فيها حلف ولا نزاع .

الهدنة- بضم الهاء وسكون الدال المهملة : السكون . والهدنة الصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين .

على دخن- بفتح الدال المهملة والخاء المعجمة : أي على فساد واختلاف تشبيها بدخان الحطب الرطب ، لما بينهم من الفساد الباطن تحت الصلاح الظاهر .

المنبت قال في النهاية : يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته : قد انبت من البت وهو القطع ، يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض وطره وقد أعطب ظهره . [ ص: 106 ]

حبطا- بفتح الحاء المهملة والموحدة والطاء المهملة : وهو انتفاخ البطن من كثرة الأكل حتى ينتفخ فيموت .

يلم : بضم المثناة التحتية أي يقرب من الهلاك ، وهو مثل للمنهمك في جمع الدنيا المانع من إخراجها في وجهها .

الفتك - بفتح الفاء وسكون المثناة الفوقية- قال في النهاية : هو أن يأتي الرجل صاحبه وهو غار غافل فيشد عليه فيقتله . والغيلة أن يخدعه ثم يقتله في موضع خفي .

التالي السابق


الخدمات العلمية