سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الخامس : في صفته وأن كل نبي أنذر قومه الدجال .

روى الطيالسي بسند صحيح وابن أبي شيبة والإمام أحمد رضي الله عنه عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . وفيه : «ألا وإنه» أي الدجال «أعور عينه اليسرى ، وباليمين ظفرة غليظة ، بين عينيه كافر» . وروى الطبراني عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أحذركم المسيح وأنذركموه ، وكل نبي قد حذر قومه ، وهو فيكم أيتها الأمة ، وسأحكي لكم من نعته ما لم يحك الأنبياء قبلي لقومهم ، يكون قبل خروجه سنون خمس حدب حتى يهلك كل ذي حافر» قيل : فبم يعيش المؤمنون ؟ قال : «بما تعيش به الملائكة ، ثم يخرج وهو أعور وليس الله بأعور ، بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتبا وغير كاتب ، أكثر من يتبعه اليهود والنساء والأعراب ، ترون السماء تمطر وهي لا تمطر ، وترون الأرض تنبت وهي لا تنبت ، ويقول للأعراب : ما تبغون مني ؟ ألم أرسل السماء عليكم مدرارا وأحيي لكم أنعامكم شاخصة دارها ، خارجة خواصرها ، دارة ألبانها ، وتبعث معه الشياطين على صورة من قد مات من الآباء والإخوان والمعارف؛ فيأتي أحدهم إلى أبيه وأخيه وذي رحمه ، فيقول : ألست فلانا ؟ ألست تعرفني ، هو ربك فاتبعه ، يعمر أربعين سنة ، السنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، واليوم كالساعة ، والساعة كاحتراق السعفة في النار ، يرد كل منهل إلا المسجدين» ثم قال [ ص: 176 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فسمع بكاء الناس وشهيقهم ، فرجع فقام بين أظهرهم ، فقال : «أبشروا؛ فإن يخرج وأنا بين أظهركم ، فالله كافيكم ورسوله ، وإن يخرج بعدي فالله خليفتي على كل مسلم» .

وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «أما فتنة الدجال ، فإنه لم يكن نبي إلا حذر أمته وسأحذركموه بحديث لم يحذره نبي أمته ، إنه أعور والله ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن . . » الحديث .

وروى الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال ، وإني آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم ، إنه يخرج من خلة بين العراق والشام ، وعاث يمينا وعاث شمالا ، يا عباد الله ، اثبتوا؛ فإنه يبدأ يقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ، وإنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن ، فمن لقيه فليتفل في وجهه ، وليقرأ بفواتح سورة أصحاب الكهف ، وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ، ثم يحييها ، وإنه لا يعدو ذلك ، ولا يسلط على نفس غيرها ، وإن من فتنته أن معه جنة ونارا ، فناره جنة ، وجنته نار ، فمن ابتلي بناره ، فليغمض عينيه ، وليستعن بالله تكون بردا وسلاما ، كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وإن أيامه أربعون يوما ، يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، ويوم كالأيام ، (وآخر أيامه ) كالسراب ، يصبح الرجل عند باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر ، قالوا : وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار ؟ قال : «تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال» .

وروى الطيالسي وابن أبي شيبة وابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن الدجال أعور هجان أزهر ، كأن رأسه أصلة ، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن ، فإن هلك الهالك فإن ربكم ليس بأعور» .

وروى مسدد والإمام أحمد وأحمد بن منيع والحارث برجال ثقات عن قتادة بن أمية رحمه الله تعالى عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :

«أنذركم الدجال ثلاثا ، فإنه جعد ممسوح العين اليسرى» .

انتهى .

وروى ابن حبان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «ما من نبي إلا حذر أمته الدجال ، إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» . [ ص: 177 ]

وروى أبو يعلى عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فكان أكثر خطبته حديثا ، حدثناه عن الدجال ، فكان من قوله أن قال : «إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا قط بعد نوح إلا حذر أمته ، وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم ، فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج بعدي ، فكل امرئ حجيج نفسه ، والله خليفتي على كل مسلم» . الحديث .

وروى الإمام أحمد ، وأحمد بن منيع برجال ثقات عن هشام بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك [وإنه سيقول أنا ربكم ، فمن قال : أنت ربي ، افتتن ، ومن قال : كذبت ، ربي الله وعليه توكلت وإليه أنيب؛ فلا يضره ، أو قال : فلا فتنة عليه]» .

وروى أبو يعلى من طريق مجالد بن سعيد عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : إن كل نبي أنذر قومه الدجال ، ألا وإنه قد أكل الطعام ، ألا إني عاهد إليكم عهدا لم يعهده نبي لأمته ، ألا وإن عينه اليمنى ممسوحة كأنها نخاعة في جانب حائط ، ألا وإن عينه اليسرى كأنها كوكب دري . . الحديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية