سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب العاشر في شهوده صلى الله عليه وسلم حرب الفجار

وكان في شوال . كما قاله الواقدي . وقيل في شعبان كما في الروض .

لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة أو خمس عشرة فيما قال ابن هشام ، وقال ابن إسحاق : عشرين سنة كان قبل المبعث بعشرين سنة هاجت حرب الفجار بين قريش ومن معها من كنانة وبين قيس عيلان . وكان الذي هاجها أن عروة الرحال ابن عتبة أجار لطيمة للنعمان بن المنذر فقال البراض بن قيس أحد بني ضمرة : أتجيرها على كنانة ؟ قال : نعم وعلى الخلق . فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض يطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض فقتله في الشهر الحرام ، فلذلك سمي الفجار . فأتى آت قريشا فقال : إن البراض قد قتل عروة وهم في الشهر الحرام بعكاظ . فارتحلوا وهوازن لا تشعر ، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم فاقتتلوا حتى جاء الليل ودخلوا الحرم فأمسكت عنهم هوازن ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما ، وكان لكنانة وقيس فيه ستة أيام مذكورة : شمظة ويوم العبلاء وهما عند عكاظ ، ويوم الشرب وهو أعظمها يوما وفيه قيد أبو سفيان وأمية وحرب أبناء أمية أنفسهم كي لا يفروا فسموا العنابس . ويوم الحريرة عند نخلة انهزمت قريش إلا بني نصر منهم فإنهم ثبتوا وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أيامهم أخرجه أعمامه معهم .

وروى ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قد حضرته- يعني : حرب الفجار- مع عمومتي ورميت فيه بأسهم وما أحب أني لم أكن فعلته وكنت أنبل على أعمامي .

وكان آخر أيام الفجار أن هوازن وكنانة تواعدوا للعام القابل بعكاظ فجاءوا للموعد ، وكان حرب بن أمية رئيس قريش وكنانة ، وكان عتبة بن ربيعة يتيما في حجره فضربه حرب وأشفق من خروجه معه فخرج عتبة بغير إذنه فلم يشعر إلا وهو على بعيره بين الصفين ينادي : يا معشر مضر علام تفانون ؟ فقالت له هوازن : ما تدعو إليه ؟ قال : الصلح على أن ندفع لكم دية قتلاكم وتعفوا عن دمائنا . قالوا : وكيف ذاك ؟ قال : ندفع إليكم رهنا منا . قالوا : ومن لنا بهذا ، قال أنا : قالوا ، ومن أنت ؟ قال : أنا عتبة بن ربيعة بن عبد شمس . فرضوا ورضيت كنانة ودفعوا إلى هوازن أربعين رجلا فيهم حكيم بن حزام فلما رأت بنو عامر بن صعصعة الرهن في أيديهم عفوا عن الدماء وأطلقوهم وانقضت حرب الفجار .

وكان يقال : لم يسد من قريش مملق يعني فقيرا غير عتبة وأبي طالب فإنهما سادا بغير مال . [ ص: 153 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية