سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه :

الإجماع على أن النبي أفضل من غير النبي ، وقد اختلفوا في مريم : هل هي نبية أم لا ؟ وكذلك في أم موسى وآسية وحواء وسارة ، ولم يصح عندنا في ذلك شيء وقد يشهد لنبوة مريم ذكرها في سورة مريم مع الأنبياء ، وهي قرينة فإذا ثبتت نبوة امرأة ، فإما أن يكون عاما مخصوصا ، وإما أن يكون المراد نساء هذه الأمة وفي الحديث : "لم يكمل من النساء إلا أربع" ذكر منهن مريم وخديجة . ولا شك أن خديجة ليست نبية فلا دلالة في الحديث على كون مريم نبية أو ليست نبية ، وبقي بحث وهو أن الآية الكريمة نصت على الإفراد بقوله : يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن [الأحزاب 32] وهو عام لأنه نكرة في سياق النفي ، ولا شك أنه إذا أخذ واحد واحد كان مفضلا عليه ، وإذا أخذ المجموع لم يلزم ذلك فيه وإذا أخذت جملة من آحاد المجموع احتمل أن يقال : إن حد العموم يشملها ، ولا يخرج عنها إلا المجموع بضرورة التبعيض ، فهذا البحث ينبغي أن ينظر فيه ويعمل ما يقتضيه ولا شك أنك إذا قلت : ما جاءني من أحد من النساء اقتضى نفي مجيء كل واحد منهم مطابقة ، واقتضى نفي المجموع التزاما ، وأما اقتضاؤه لنفي مجيء جملة منهم فهو بالالتزام كالمجموع ، وقد قال القرافي : إن الضمائر عامة والظاهر أنه يحسب ما يعود عليه وهي هنا لجمع مضاف ، فهي بجنسه وهو عام يدل ظاهرا على كل فرد ويحتمل المجموع ، فضميره كذلك ، فإن جعلناه للمجموع فمعناه أن جملة نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل من كل جمع من النساء قل أو كثر ، وهذا نتيجة البحث المتقدم ، فإن أحدا يجيء هنا بمعنى بعض ، فهو وإن جعلناه لكل فرد فمعناه أن كل واحدة منهن مفضلة على جمع من النساء ، على البحث المتقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية