السابعة والثمانون : وبأن 
أمته خير الأمم ، قال الله سبحانه وتعالى : 
كنتم خير أمة أخرجت للناس  [آل عمران 110] .  
[ ص: 356 ] 
روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،   nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي  وحسنه ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،   nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ،  عن 
معاوية بن صيدة   -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الآية : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=700009 "إنكم تتمون سبعين أمة ، أنتم خيرها ، وأكرمها على الله"  . 
الثامنة والثمانون : وبأنها مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره . 
قال 
التوربشتي :  لا يحمل هذا الحديث على التردد في فضل الأول على الآخر ، فإن 
القرن الأول هم المفضلون على سائر القرون من غير شبهة ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، وإنما المراد بهم نفعهم في بث الشريعة والذب عن الحقيقة . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي :  نفى تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية ، وأراد به نفي التفاوت كما قال تعالى : [ 
قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض  [يونس 18] أي بما ليس فيهن كأنه قال لو كان لعلم لأنه أمر لا يخفى ولكن لا يعلم] لاختصاص كل طبقة منهم بخاصية ، وفضيلة توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النشو ، والنماء ، لا يمكنك إنكارها ، والحكم بعدم نفعها ، فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات ، وتلقوا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإجابة والإيمان ، والآخرين آمنوا بالغيب ، لما تواتر عندهم من الآيات ، واتبعوا من قبلهم بالإحسان ، وكما أن المتقدمين اجتهدوا في التأسيس والتمهيد ، فالمتأخرون بذلوا وسعهم في التلخيص والتجريد ، وصرفوا عمرهم في التقرير والتأكيد ، فكل ذنبهم مغفور ، وسعيهم مشكور ، وأجرهم موفور . 
وقال 
الطيبي :  وتمثيل الأمة بالمطر ، إنما يكون بالهدى والعلم كما أن تمثيله -صلى الله عليه وسلم- الغيث بالهدى والعلم فتختص هذه الأمة المشبهة بالمطر ، بالعلماء الكاملين منهم المكملين لغيرهم فيستدعي هذا التفسير أن يراد بالخير النفع ، فلا يلزم من هذا المساواة في الأفضلية ، ولو ذهب إلى الخيرية ، فالمراد وصف الأمة قاطبة ، سابقها ولاحقها ، وأولها وآخرها ، [بالخير وأنها ملتحمة بعضها مع بعض مرصوصة بالبنيان] كالحلقة المفرغة ، لا يدرى أين طرفاها وفي أسلوب هذا الكلام قول الأنمارية : هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها تريد المكملة ، ويلمح إلى هذا المعنى قول الشاعر : 
إن الخيار من القبائل واحد وبنو حنيفة كلهم أخيار 
فالحاصل أن الأمة بأسرها مرتبطة بعضها مع بعض في الخيرية ، بحيث أبهم أمرها فيها وارتفع التمييز بينها ، وإن كان بعضها أفضل من بعض في نفس الأمر ، وهو قريب من باب سوق المعلوم مساق غيره ، وفي معناه أنشد 
مروان بن أبي حفصة :  تشابه يوماه علينا فأشكلا     فما نحن ندري أي يوميه أفضل 
 [ ص: 357 ] يوما بداء العمر أم يوم يأسه     وما منهما إلا أغر محجل 
ومن المعلوم علما جليا أن يوم بداءة العمر أفضل من يوم يأسه ، لكن البدء لما لم يكن يكمل ويستتب إلا باليأس ، أشكل عليه الأمر ، فقال ما قال ، وكذلك أمر المطر والأمة ، انتهى . 
التاسعة والثمانون : وبأنها 
آخر الأمم ، ففضحت الأمم عندهم ، ولم يفضحوا . 
التسعون : وبأن 
الله تعالى اشتق لهم اسمان من أسمائه . 
الحادية والتسعون : وبأنه تعالى 
سمى دينه الإسلام ، ولم يوصف بهذا الوصف إلا الأنبياء ، قال سبحانه وتعالى : 
هو سماكم المسلمين من قبل  [الحج 78] . 
روى 
 nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ،   nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة  في المصنف ، عن 
مكحول  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=103652كان  nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر  على رجل من اليهود حق ، فأتاه يطلبه ، فقال  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر :  لا والذي اصطفى محمدا  على البشر لا أفارقك فقال اليهودي : والله ما اصطفى الله محمدا  على البشر ، فلطمه  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  فأتى اليهودي النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال : "أما أنت يا  nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،  فأرضه من لطمته ، بل يا يهودي ، آدم صفي الله ، وإبراهيم  خليل الله ، وموسى  نجي الله ، وعيسى  روح الله ، وأنا حبيب الله ، بل يا يهودي تسمى الله باسمين ، سمى بهما أمتي ، هو السلام ، وسمى بها أمتي المسلمين ، وهو المؤمن ، وسمى بها أمتي المؤمنين ، بل يا يهودي ، طلبتم يوما دخر لنا اليوم ، ولكم غد ، وبعد غد للنصارى ، بل يا يهودي ، أنتم الأولون ، ونحن السابقون يوم القيامة ، بل إن الجنة محرمة على الأنبياء حتى أدخلها وهي محرمة على الأمم حتى تدخلها أمتي"  . 
وروي عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد  الأنصاري -رضي الله عنه- قال : تسموا بأسمائكم التي سماكم الله تعالى بها بالحنفية ، والإسلام ، والإيمان . انتهى .