سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الرابع فيما اختص به-صلى الله عليه وسلم- في أمته في الآخرة وفيه مسائل :

الأولى : اختص -صلى الله عليه وسلم- بأن أمته أول من تنشق عنهم الأرض .

روى أبو نعيم عن ابن عباس قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "أرسلت إلى الجن والإنس وإلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم دون الأنبياء ، وجعلت لي الأرض كلها مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب أمامي شهرا ، وأعطيت خواتم سورة البقرة ، وكانت من كنوز العرش ، وخصصت بها دون الأنبياء ، وأعطيت المثاني مكان التوراة والمئين مكان الإنجيل ، والحواميم مكان الزبور ، وفصلت بالمفصل وأنا سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، ولا فخر ، وأنا أول من تنشق الأرض عني ، وعن أمتي ولا فخر وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ، وجميع الأنبياء تحته ولا فخر وإلي مفاتيح الجنة يوم القيامة ولا فخر ، وبي تفتح الشافعة ولا فخر ، وأنا سابق الخلق إلى الجنة ولا فخر ، وأنا إمامهم وأمتي بالأثر" .

الثانية : وبأنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء .

الثالثة : وبأن لهم سيما في وجوههم من أثر السجود .

قال الله سبحانه وتعالى : سيماهم في وجوههم من أثر السجود [الفتح - 29] .

الرابعة : وبأنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم .

الخامسة : وبأن ذريتهم تسعى بين أيديهم . خصائص الأمة المحمدية

روى الشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء" .

وروى مسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن حوضي أبعد من أيلة من عدن ، إني لأذود عنه الرجل كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه ، قيل : يا رسول الله ، أتعرفنا ؟ قال : نعم ، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء وسيماكم ليست لأحد غيركم" .

وروى الإمام أحمد ، والبزار عن أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأنا أول من يرفع رأسه فأنظر إلى بين يدي ، فأعرف أمتي من بين الأمم ، ومن خلفي مثل ذلك ، وعن يميني مثل ذلك ، وعن شمالي مثل ذلك ، فقال رجل : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم ، وأعرفهم أنهم بأيمانهم تسعى . [ ص: 390 ]

ذريتهم بين أيديهم"
.

وروى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "إني لأعرف أمتي يوم القيامة من بين الأمم" ، قالوا : يا رسول الله ، كيف تعرف أمتك ؟ قال : "أعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم ، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم من أثر السجود ، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم" .

السادسة : وبأنهم يكونون في الموقف على كوم عال .

السابعة : وبأن لهم نورين كالأنبياء ، وليس لغيرهم إلا نور واحد . كما سبق ويأتي في آخر الكتاب .

الثامنة : وبأنهم يمرون على الصراط كالبرق الخاطف وكالريح .

التاسعة : وبأنهم يشفع محسنهم في مسيئهم .

العاشرة : وبأن عذابها معجل في الدنيا ، وفي البرزخ لتوافي القيامة ممحصة .

الحادي عشرة : وبأنها تدخل قبورها بذنوبها ، وتخرج منها بلا ذنوب تمحص عنها باستغفار المؤمنين لها .

الثانية عشرة : وبأن كل واحد منهم يعطى يهوديا أو نصرانيا فيقال له : يا مسلم ، هذا فداؤك من النار .

روى أبو يعلى والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن عذاب هذه الأمة جعل في دنياها" .

وروي أيضا عن رجل من الصحابة قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : "عقوبة هذه الأمة السيف" .

وروى ابن ماجه والبيهقي في البعث عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن هذه الأمة مرحومة ، عذابها بأيديها ، فإذا كان يوم القيامة ، دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال له : هذا فداؤك من النار" .

وروى الطبراني في الأوسط عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "أمتي أمة مرحومة ، تدخل قبورها بذنوبها ، وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها ، تمحص عنها باستغفار المؤمنين لها" .

وروى الإمام أحمد عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "لا يحاسب أحد يوم القيامة فيغفر له يرى المسلم عمله في قبره" . [ ص: 391 ]

قال الحكيم الترمذي : يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه غدا في الموقف ، فيمحص في البرزخ ، فيخرج من القبر وقد اقتص منه" .

الثالثة عشرة : وبأن لها ما سعت ، وما سعي لها وليس لمن قبلهم إلا ما سعى ، قاله عكرمة- رضي الله تعالى عنه- ، ورواه ابن أبي حاتم عنه .

الرابعة عشرة : وبأنهم يقضى لهم قبل الخلائق .

روى ابن ماجه عن أبي هريرة وحذيفة- رضي الله عنهم- قالا : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق" .

الخامسة عشرة : وبأنهم يغفر لهم المقحمات .

روى مسلم عن ابن مسعود في حديث المعراج قال : أعطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس . وأعطي خواتيم سورة البقرة . وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات .

السادسة عشرة : وبأنهم أثقل الناس ميزانا .

روى الأصبهاني في "ترغيبه" عن ليث- رضي الله تعالى عنه- قال : قال عيسى ابن مريم -صلى الله عليه وسلم- : "أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أثقل الناس في الميزان ، ذلت ألسنتهم لكلمة ثقلت على من كان قبلهم لا إله إلا الله" .

السابعة عشرة : وبأنهم نزلوا منزلة العدول من الحكام ، فيشهدون على الناس أن رسلهم بلغتهم .

قال الله سبحانه وتعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا ، لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا [البقرة - 143] .

وروى الإمام أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "يجيء النبي يوم القيامة ، ومعه الرجل ، والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك ، فيقال لهم : هل بلغتم ؟ فيقولون : نعم ، فيدعى قومهم ، فيقال لهم : هل بلغوكم ؟ فيقولون : لا ، فيقال للنبيين : من يشهد لكم أنكم بلغتم ؟ فيقولون : أمة محمد ، فتدعى أمة محمد ، فيشهدون أنهم قد بلغوا ، فيقال لهم : وما علمكم أنهم قد بلغوا ؟ فيقولون : جاءنا نبينا -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أخبرنا أنهم قد بلغوا فصدقناه ، فيقال لهم : صدقتم . فذلك قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا [البقرة 143] .

قال : عدولا ،
ورواه البخاري مختصرا . [ ص: 392 ]

الثامنة عشرة : "بأنهم يدخلون الجنة قبل سائر الأمم" .

روى الطبراني بسند حسن عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- .

التاسعة عشرة : ويدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب .

التالي السابق


الخدمات العلمية