سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه :

وجوب المشاورة عليه هو الأصح عند الشيخين ، لكن نص الشافعي على عدم وجوبها ، حكاه البيهقي في المعرفة عند استئذان البكر .

الحادية عشرة : قيل : وبالاستعاذة عند القراءة .

الثانية عشرة : وبوجوب مصابرة العدو ، وإن كثر عددهم ، والأمة إنما يلزمهم إذا لم يروا عدد الكفار على الضعف ، قال القاضي جلال الدين البلقيني : ولم يذكر أئمتنا لهذه المسألة دليلا ، ولا يقال : قد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- مصابرة العدو في غير موضع ، وصابر يوم أحد بعد أن أفرد في اثني عشر رجلا كما في الصحيح ، وصابر يوم حنين بعد أن أفرد في عشرة كما قاله العباس عمه في شعره ، وتقدم إليهم وقال : أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب . لأن هذه الوقائع لا تدل على الوجوب وإنما تدل على شجاعته -صلى الله عليه وسلم- .

وقال الماوردي : قد يقال من الدليل على ذلك : إن فرار الإنسان وتوليه عند الزحف من خوف القتل . وذلك غير جائز على الأنبياء من جهة أنهم معصومون وبأنهم في أعلى مكان ، فيعلمون أنه لا يتعجل شيء عن وقته ، ولا يتأخر شيء عن وقته بخلاف غيرهم من المكلفين . [ ص: 399 ]

فليس لهم مثل هذا الإيمان ، ولا مثل هذا اليقين .

قال القاضي جلال الدين البلقيني : وهذا الذي قاله حسن متجه ، وقال القاضي أبو الطيب في تعليقه : إنما كان من خصائصه -صلى الله عليه وسلم- لشيئين : أحدهما : أن الله تعالى ضمن له النصرة والظفر ، وقال له : فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين [الحجر 94] .

والثاني : أنه لو لم يكن ينكره ، لكان يوهم أن ذلك جائز ، وأن أمره بتركه منسوخ .

وقال غيره : الدليل على ذلك أن الله تعالى وعده بالعصمة ، فقال تعالى : والله يعصمك من الناس [المائدة - 67] ، فلم يكونوا يصلوا إليه بسوء ، ولو وصلوا إليه قلوا أو كثروا [لم يمسوه بشيء] قال : وجه الدلالة على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : "لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن ينزعها حتى يقاتل عدوه" وفي رواية : "حتى يتأخر عدوه" . فإذا كان لبس اللأمة التي هي مظنة الوقاية موجبة له -صلى الله عليه وسلم- على ملاقاة العدو ومقاتلته ومناجزته ، فكيف عند مشاهدة العدو ، وانتظام الشمل به -صلى الله عليه وسلم- ، فإنه لو ولى لم ينتظم لهم شمل ، فإذا ثبت انتظم شملهم بوجوده -صلى الله عليه وسلم- كما أنشق يوم حنين ، فإن غالب الصحابة ولوا مدبرين عن ملاقاة العدو ، وثبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عشرة من أصحابه فتقدم في وجه العدو ، حتى نصره الله تعالى ، وتراجع إليه أصحابه قال : ثم رأيت الأوزاعي نقل عن البغوي الإشارة إلى ما قلناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية