سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه : لما نقل ابن الملقن هذه الخصوصية عن القضاعي قال : وفي هذا نظر بالنسبة إلى غيره .

قال الحضيري : وفي هذا النظر نظر أيضا ، فإن ظاهره يقتضي منع الخصوصية في عدم الشهادة على الجور فإن غيره من الناس مثله في ذلك ، فلا تجوز الشهادة على الجور مطلقا ، هذا يعني مقتضى كلامه ، وليس بجيد فإن من الجور ما هو محرم ، فلا تجوز الشهادة عليه ، ومنه مكروه فلا تجوز في حقه -صلى الله عليه وسلم- ، وتجوز في حق غيره ، كما في هذه القصة ، حيث حملنا ذلك على الكراهة كما في الصحيح ، فإنه سمى ذلك جورا ، وقال : "أشهد غيري" ، وهذا ينبني على أمر آخر ، وهو المراد بالشهادة على الجور ، هل هي بحملها أو أدائها ؟ فإن قلنا : بحملها ، ففي حقه -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز ذلك ، لأنه لا يقر على باطل ولا مكروه ، وأما غيره ، فالذي يظهر أنه يجوز مطلقا ، سواء كان محرما أو مكروها ، لأن الأمر دائر بين ظالم ومظلوم ، فتحمل الشهادة على ذلك يحتاج إليها المظلوم في خلاص حقه عند طلبه فلا يمتنع ، ولو كان الظالم لا يحتاجها .

وإن قلنا : المراد الأداء ، فهي ممتنعة في حقه -صلى الله عليه وسلم- لأنه هو الحاكم والمشرع ، فلا يمكن ردها عند غيره ، اللهم إلا أن يقال : يشهد فيها ليحكم فيها بعلمه ، وهو محل نظر ، وأما غيره فلا يمتنع قطعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية