سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه :

لو قال لرجل من بني هاشم : لعن الله بني هاشم : وقال : أردت الظالم منهم ، أو قال لرجل من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم قولا قبيحا من آبائه أو من نسله أو ولده على علم منه أنه من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم تقم قرينة في المسألتين تقتضي تخصيص بعض آبائه ، وإخراج النبي صلى الله عليه وسلم - فمن سبه منهم فحكم القاضي برهان الدين الأخنائي المالكي بقتل بعض الأمراء حدا؛ لكونه لعن [ ص: 10 ] أجداد القاضي حسام الدين محمد بن جريز بعد أن قال له : أنا شريف ، وجدي الحسين بن فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربت عنقه ، ذكره الحافظ ابن حجر في "أبنائه" في حوادث سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة .

الثامن : في الصلاة عليهم .

روى الشيخان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى -رحمه الله تعالى- قال : لقيت كعب بن عجرة -رضي الله تعالى عنه- فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى ، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ قال "قولوا : اللهم ، صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد" .

وروى إسماعيل القاضي عن إبراهيم بن يزيد النخعي -رحمه الله تعالى- قال : قالوا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا : "اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ، وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد" .

وروى الشيخان عن أبي حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أنهم قالوا : يا رسول الله ، كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا : "اللهم ، صل علىمحمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد" .

وروى أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت ، فليقل : اللهم ، صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته ، وأهل بيته ، كما صليت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد" .

وروى النسائي وأحمد في مسنده عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل : اللهم ، اجعل صلواتك وبركاتك على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد" .

وروى الدارقطني والبيهقي وغيرهما عن أبي مسعود البدري -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه" وهو عندهما موقوف من قول أبي مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال : لو صليت صلاة لا [ ص: 11 ] أصلي فيها على آل محمد ما رأيت أن صلاتي تتم .

وصوب الدارقطني بأنه من قول أبي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، وهو حجة للقائل :


يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله     كفاكم من عظيم القدر أنكم
من لم يصل عليكم لا صلاة له



التاسع : في مكافأته -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة لمن صنع إلى أهل بيته معروفا .

روى الطبراني في "الأوسط" والضياء المقدسي في "المختارة" والخطيب في التاريخ عن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صنع إلى أحد من خلف عبد المطلب يدا فلم يكافئه بها في الدنيا فعلي مكافأته غدا ، إذا لقيني" .

وروى الملا وأبو سعيد النيسابوري عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صنع إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته عنه يوم القيامة" .

وروى الديلمي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ، المكرم لذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في أمورهم عند ما اضطروا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه" .

العاشر : في دعائه -صلى الله عليه وسلم- لهم

وروى أبو سعيد النيسابوري وعمر الملا عن عمران بن حصين -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سألت ربي -عز وجل- أن لا يدخل النار أحدا من أهل بيتي فأعطاني ذلك" .

الحادي عشر : في أنهم أول من يشفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى الديلمي في الفردوس ، عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أول من أشفع له يوم القيامة من أمتي أهل بيتي ، ثم الأقرب فالأقرب" قال : "ثم الأنصار ، ثم من آمن بي واتبعني من أهل اليمن ، ثم سائر العرب ، ثم العجم" .

الثاني عشر : في أنهم كسفينة نوح -صلى الله عليه وسلم- من ركبها نجا

روى البزار والطبراني وأبو نعيم عن ابن عباس ، والبزار عن عبد الله بن الزبير ، وابن جرير ، والحاكم والخطيب في "المتفق والمفترق" عن أبي ذر ، والطبراني في "الصغير" و"الأوسط" عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح في قوم نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق" وفي لفظ "هلك" ومثل [ ص: 12 ] حطة بني إسرائيل .

قال الحافظ أبو الخير السخاوي : وبعض طرق هذا الحديث يقوي بعضها بعضا .

الثالث عشر : في إخباره -صلى الله عليه وسلم- أنهم سيلقون بعده أثرة ، والحث على نصرتهم وموالاتهم .

وروى ابن ماجه وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنا أهل البيت اختار الله -عز وجل- لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي أثرة وتشريدا وتطريدا في البلاد ، حتى يأتي قوم من ها هنا" وأشار بيده نحو المشرق "أصحاب رايات سود ، فيسألون الخير فلا يعطونه مرتين أو ثلاثا ، فيقاتلون فينصرون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ، فيملؤها عدلا كما ملئت ظلما ، فمن أدرك ذلك اليوم فليأتهم ، ولو حبوا على الثلج" .

الرابع عشر : في وعد الله -عز وجل- نبيه صلى الله عليه وسلم

[روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ أن لا يعذبهم"

الخامس عشر : في بيان من هم أهل البيت

قال الله سبحانه وتعالى : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] .

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد ومسلم والترمذي وصححه ، وابن جرير والطبراني ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في السنن من طرق ، والطبراني من وجه آخر ، وابن أبي حاتم والطبراني عن أم سلمة ، وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عمرو بن أبي سلمة ، وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن سعد ، وابن أبي شيبة والإمام أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن واثلة بن الأسقع ، وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنهم- قالت أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بيتها على منامة له ، عليه كساء خيبري ، فجاءت فاطمة -رضي الله تعالى عنها- ببرمة فيها خزيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا" فدعتهم ، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم [الأحزاب : 33] ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثم قال : "اللهم ، هؤلاء أهل بيتي وخاصتي ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا" ، قالها ثلاث مرات .

[ ص: 13 ] (وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- خرج صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهم ، فأجلس حسنا وحسينا فيه ، وجلس علي عن يمينه ، وجلست فاطمة عن شماله) وفي رواية للطبراني عنها : فألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ، ثم قال : "اللهم إن هؤلاء أهل بيتي" وفي لفظ : آل محمد ، وفي رواية "فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم؛ إنك حميد مجيد" .

قالت أم سلمة : فرفعت الكساء لأدخل معهم ، فجذبه من يدي وقال : إنك على خير ، وفي رواية لابن مردويه عنها : في البيت سبعة جبريل ، وميكائيل ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وأنا على باب البيت ، قلت : يا رسول الله ، ألست من أهل البيت ؟ قال : إنك على خير؛ من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . وفي رواية : فأدخلت رأسي في الستر ، فقلت : يا رسول الله ، وأنا معكم ؟ فقال : إنك على خير مرتين . وفي رواية : فقلت : وأنا معهم يا رسول الله ؟ فقال : أنت على مكانك ، وأنت على خير . وفي حديث واثلة : فقلت : يا رسول الله ، وأنا من أهل بيتك ؟ قال : أنت من أهلي .

وفي حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود ، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه ، ثم جاء علي فأدخله معهم ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهم ، فأجلس حسنا وحسينا في حجره ، وجلس علي عن يمينه وجلست فاطمة عن شماله .

وروى ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزلت هذه الآية في خمسة؛ في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] .

وروى ابن سعد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال : لما دخل علي بفاطمة -رضي الله تعالى عنها- جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا إلى بابها يقول : "السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] انتهى .

وروى ابن جرير وابن المنذر والطبراني عن أبي الحمراء -رضي الله تعالى عنه- قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أشهر ، وفي لفظ الطبراني : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى باب علي ، فرفع يده على جنبي الباب ، ثم قال : الصلاة الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] .

[ ص: 14 ] وروى ابن مردويه عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : شهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أشهر يأتي كل يوم باب علي (بن أبي طالب) عند وقت كل صلاة فيقول : "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت" إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] .

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والحاكم والطبراني وصححه ، عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول : الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [الأحزاب : 33] .

وروى مسلم عن زيد بن أرقم -رضي الله تعالى عنه- قال : أذكركم الله في أهل بيتي ، فقيل لزيد -رضي الله تعالى عنه- : ومن أهل بيته ، أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، آل علي ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس . انتهى .

السادس عشر : في تعظيم السلف لأهل البيت

روى البخاري في "غزوة خيبر" عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن أبا بكر قال لعلي -رضي الله تعالى عنهما- والذي نفسي بيده ، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي .

وروي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أنه قال للعباس -رضي الله تعالى عنهما- والله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام أبي الخطاب .

وروى البخاري عن عروة بن الزبير قال : ذهب عبد الله بن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- مع أناس من بني زهرة إلى عائشة -رضي الله تعالى عنها- وكانت أرق شيء عليهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروى عن رزين بن عبيد قال : كنت عند ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فأتى زين العابدين بن الحسين بن علي -رضي الله تعالى عنهم- فقال له ابن عباس : مرحبا بالحبيب ابن الحبيب .

وعن الشعبي -رحمه الله تعالى- قال : صلى زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- على جنازة ، ثم قربت له بغلته ليركبها ، فجاء ابن عباس ، فأخذ بركابه ، فقال زيد : خل عنه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : هكذا نفعل بعلمائنا ، فقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس ، وقال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا .

وعن عبد الله بن حسن بن حسين -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت عمر بن [ ص: 15 ] عبد العزيز في حاجة لي فقال لي : إذا كانت لك حاجة فأرسل إلي ، أو اكتب بها؛ فإني أستحي من الله أن يراك على بابي .

وعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : لو أتى أبو بكر وعمر وعلي -رضي الله تعالى عنهم- بحاجة بدأت بحاجة علي قبلهما؛ لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أقدمه عليهما .

أورد الثلاثة القاضي في "الشفاء" انتهى .

وروى عن فاطمة بنت أبي طالب -رضي الله تعالى عنها- قالت : دخلت على عمر بن عبد العزيز -رضي الله تعالى عنه- وهو يسير بالمدينة ، فأخرج من عنده ، وقال : يا بنت علي ، والله! ما على ظهر الأرض (أهل بيت) أحب إلي منكم .

وفي "المجالسة" للدينوري أن أبا عثمان النهدي -رحمه الله تعالى- كان من مساكين الكوفة ، فلما قتل الحسين بن علي -رضي الله تعالى عنهما- تحول إلى البصرة ، وقال : لا أسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي "الشفاء" أن مالكا لما تعرض له جعفر بن سليمان والي المدينة ونال منه ما نال ، وحمل مغشيا عليه دخل عليه الناس ، فأفاق ، فقال : أشهدكم أني جعلت ضاربي في حل .

[ ص: 16 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية