سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الرابع : في أن الله تبارك وتعالى يرضى لرضاها ، ويغضب لغضبها .

روى الطبراني بإسناد حسن وابن السني في معجمه وأبو سعيد النيسابوري في "الشرف" عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة : "إن الله تعالى يغضب لغضبك ويرضى لرضاك" انتهى .

الخامس : في أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقبلها في فمها .

[عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت : ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها ، فقبلها ورحب بها ، وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه ، وكانت هي إذا دخل عليها قامت إليه ، فقبلته وأخذت بيده] .

السادس : فيما جاء أنه -صلى الله عليه وسلم- إذا سافر كان آخر عهده بها ، وإذا قدم أول ما يدخل عليها رضي الله تعالى عنها

روى الإمام أحمد والبيهقي في "الشعب" عن ثوبان -رضي الله تعالى عنه- قال : كان [ ص: 45 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة ، وأول من يدخل عليه فاطمة إذا قدم صلى الله عليه وسلم .

وروى أبو عمر عن أبي ثعلبة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد ، فصلى ركعتين ثم أتى فاطمة -رضي الله تعالى عنها- (ثم أتى أزواجه) .

السابع : في غيرته -صلى الله عليه وسلم- لها رضي الله تعالى عنها

روى الطبراني عن أسماء بنت عميس -رضي الله تعالى عنها- قالت : خطبني علي فبلغ ذلك السيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أسماء متزوجة علي بن أبي طالب ، فقال لها : "ما كان لها أن تؤذي الله ورسوله" .

وروى الطبراني في المعاجم الثلاثة عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن عليا -رضي الله تعالى عنه- خطب بنت أبي جهل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن كنت تزوجها فرد علينا ابنتنا ، والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله تحت رجل واحد" .

وروى البزار عن علي -رضي الله تعالى عنه- أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أي شيء خير للمرأة فسكتوا ، فلما رجعت قلت لفاطمة : أي شيء خير للنساء ؟ قالت : لا يراهن الرجال ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : "إن فاطمة بضعة مني" .

الثامن : في تشبهها -رضي الله تعالى عنها- هديا وسمتا ودلا ومشيا وحديثا به صلى الله عليه وسلم ، وقيامه صلى الله عليه وسلم لها إذا أقبلت ، وإجلاسه إياها مكانه

إخباره -صلى الله عليه وسلم- أنها سيدة نساء هذه الأمة ونساء أهل الجنة .

روى مسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : كنا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده لم يغادر منهن واحدة ، فأقبلت فاطمة -رضي الله تعالى عنها- تمشي [كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : "مرحبا يا بنتي" فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ، ثم إنه أسر إليها حديثا فبكت فاطمة ، ثم إنه سارها فضحكت أيضا ، فقلت لها : ما يبكيك ؟ فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن ، فقلت لها حين بكت : أخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه دوننا ثم تبكين ؟ وسألتها عما قال : فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا قبض سألتها فقالت : إنه كان حدثني "إن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل عام مرة ، وإنه عارضه به في العام مرتين ، ولا أراني [ ص: 46 ] إلا قد حضر أجلي ، وإنك أول أهلي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك" فبكيت لذلك ، ثم إنه سارني فقال : "ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة" ؟ فضحكت لذلك .

وروى أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا ولا هديا ولا حديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة رضي الله تعالى عنها .

وروى ابن حبان عنها قالت : ما رأيت أحدا أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة -رضي الله تعالى عنها- وكانت إذا دخلت قام إليها فقبلها ، ورحب بها ، وأخذ بيدها ، وأجلسها في مجلسه ، وكانت هي -رضي الله تعالى عنها- إذا دخل صلى الله عليه وسلم عليها قامت إليه فقبلته وأخذت بيده وأجلسته مكانها ، فدخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فأسر إليها فبكت ، ثم أسر إليها فضحكت ، فقلت : كنت أحسب أن لهذه المرأة فضلا على نسائنا فإذا هي امرأة منهن ، بينما هي تبكي إذ هي تضحك ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها عن ذلك فقالت : أسر إلي أنه ميت فبكيت ، ثم أسر إلي أني أول أهله لحوقا به فضحكت .

وروى الإمام أحمد وأبو يعلى برجال الصحيح والترمذي من غير ذكر فاطمة ومريم -عليهما السلام- عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وفاطمة سيدة نسائهم إلا ما كان من مريم بنت عمران" .

وروى الطبراني في "الأوسط" "والكبير" برجال الصحيح عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران فاطمة وخديجة ثم آسية بنت مزاحم امرأة فرعون -وفي لفظ- : وآسية" .

وروى الطبراني برجال الصحيح عن محمد بن مروان الذهلي -وثقه ابن حبان- عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن ملكا من السماء لم يكن زارني فاستأذن ربي في زيارتي فأذن له ، فبشرني وأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي" .

وسيأتي لهذا مزيد بيان في مناقب السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية