سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث عشر : في وفاتها -رضي الله تعالى عنها- ووصيتها إلى أسماء بنت عميس -رضي الله تعالى عنها- بما تصنعه بعد موتها ، ومن صلى عليها ، ومن دخل قبرها ، وموضعه

روى الطبراني بأسانيد رجال أحدها رجال الصحيح ، عن عائشة ، والبخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : توفيت السيدة فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، وفي رواية : ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة ، ودفنها علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- ليلا .

وروى الطبراني برجال الصحيح إلا أن جعفرا الصادق لم يدرك القصة ، ففيه انقطاع عن جعفر بن محمد- رحمهما الله تعالى- قال : مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر ، وما رئيت ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أنهم قد أمتروا في طرف نابها .

وروى الطبراني عن عبد الله بن محمد بن عقيل -رحمه الله تعالى- منقطعا؛ لأن عبد الله لم يدرك القصة ، أن فاطمة -رضي الله تعالى عنها- لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا ، فاغتسلت وتطهرت ، ودعت بثياب أكفانها فأتيت بثياب غلاظ خشن ، فلبستها ومست من حنوط ، ثم أمرت عليا أن لا يكشف عورتها إذا قبضت ، وأن تدرج كما هي في ثيابها ، فقلت له : هل علمت أحدا فعل ذلك ؟ قال : نعم ، كثير بن العباس ، وكتب في أطراف أكفانه : يشهد كثير أن لا إله إلا الله .

وروى الإمام أحمد بسند فيه من لم يعرف عن أم سلمة قالت : اشتكت السيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شكواها التي قبضت فيها ، فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك ، قالت : وخرج علي لبعض حاجته ، فقالت : يا أمه ، اسكبي لي غسلا ، فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثم قالت : يا أمي ، أعطني ثيابي الجدد ، فأعطيتها فلبستها ، ثم قالت : يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت ، ففعلت ، واضطجعت واستقبلت القبلة ، وجعلت يدها تحت خدها ، ثم قالت : يا أمه ، إني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت ، فلا يكشفني أحد ، فقبضت مكانها ، فجاء علي فأخبرته .

وروى أبو نعيم عن فاطمة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت لأسماء : يا أسماء ، إني قد [ ص: 50 ] استقبحت هذا الذي يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها ، فقالت أسماء : يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة ، فدعت بجرائد رطبة فحتتها ، ثم طرحت عليها ثوبا ، فقالت لفاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، تعرف به المرأة من الرجل ، فإذا أنا مت فغسليني أنت وعلي ، ولا يدخل علي أحد ، ثم اصنعي بي هكذا ، فلما توفيت صنع بها ما أمرت بعد أن غسلتها أسماء وعلي رضي الله تعالى عنهم .

الرابع عشر : في أن الله تعالى حرمها وذريتها على النار

روى البزار وتمام في "فوائده" والطبراني وابن عدي والعقيلي والحاكم ، عن ابن مسعود ، وابن شاهين في مسند "الزهر" وابن عساكر من طريق آخر عنه ، والطبراني في "الكبير" بسند رجاله ثقات ، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن فاطمة أحصنت فرجها فحرمها الله -عز وجل- وذريتها على النار" زاد العقيلي : قال ابن كريب : هذا للحسن والحسين ولمن أطاع الله -عز وجل- منهم .

وفي لفظ : إن الله -عز وجل- غير معذبك ولا ولدك .

وروى الخطيب أن الإمام علي بن موسى المديني -رضي الله تعالى عنه- سئل هذا الحديث فقال : هذا خاص بالحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية