سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه :

الصواب أن هذا الحديث سنده قريب من الحسن ، والحكم عليه بالوضع خطأ ، كما بسطت الكلام على ذلك في كتابي "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" .

الخامس عشر : في كيفية حشرها رضي الله تعالى عنها

روى تمام في الفوائد والحاكم والطبراني عن علي ، وأبو بكر الشافعي عن أبي هريرة ، وتمام عن أبي أيوب ، وأبو الحسين بن بشران ، والخطيب عن عائشة ، والأزدي عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنهم- بأسانيد ضعيفة ، إذا ضم بعضها إلى بعض أفاد القبول ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش : أيها الناس" ، وفي لفظ : "يا أهل الجمع ، غضوا أبصاركم ، ونكسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة بنت محمد إلى الجنة" وفي لفظ : "حتى تمر على الصراط" فتمر ، وعليها ريطتان خضروان .

السادس عشر : في أولادها رضي الله تعالى عنهم

قال الليث بن سعد -رحمه الله تعالى- : تزوج علي فاطمة -رضي الله تعالى عنهما- فولدت حسنا وحسينا ومحسنا -بميم مضمومة فحاء مفتوحة فسين مكسورة مشددة مهملتين ، [ ص: 51 ] رضي الله تعالى عنهم- وزينب وأم كلثوم ورقية -رضي الله تعالى عنهن- مات محسن سقطا ، وأم كلثوم كانت عند عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وولدت ولدا ، قال أبو عمر : ولدت أم كلثوم بنت فاطمة -رضي الله تعالى عنهما- قبل وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتزوجت زينب بنت فاطمة -رضي الله تعالى عنها- عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- فماتت عنده ، وقد ولدت له عليا وعونا وجعفرا وعباسا وأم كلثوم أبناء عبد الله بن جعفر .

قال الشيخ -رحمه الله تعالى- في فتاويه : أولاد زينب المذكورة من عبد الله بن جعفر موجودون بكثرة ، وتكلم عليهم من عشرة أوجه :

أحدها : أنهم من آل النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته بالإجماع؛ لأن آله هم المؤمنون من بني هاشم والمطلب .

الثاني : أنهم من ذريته بالإجماع .

الثالث : أنهم هل يشاركون أولاد الحسن والحسين في أنهم ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ والجواب : لا ، وفرق بين من يسمى ولدا للرجل ، وبين من ينسب إليه .

الرابع : هل يطلق عليهم أشراف ؟

الجواب : الشرف على مصطلح أهل مصر أنواع : عام لجميع أهل البيت ، وخاص بالذرية ، فيدخل فيه الزينبية ، وأخص منه شرف النسبة ، وهو مختص بذرية الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما .

الخامس : تحرم عليهم الصدقة بالإجماع؛ لأن بني جعفر من الآل .

السادس : يستحقون سهم ذوي القربى بالإجماع .

السابع : يستحقون من وقف بركة الحبش بالإجماع؛ لأنها وقفت نصفها على الأشراف ، وهم أولاد الحسن والحسين ونصفها على الطالبيين ، وهم ذرية علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنهم- من محمد ابن الحنفية وأخويه ، وذرية جعفر بن أبي طالب ، وذرية عقيل بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- هذا الوقف على هذا الوجه على قاضي القضاة بدر الدين بن يوسف السنجاوي في ثاني عشر ربيع الآخر سنة أربعين وستمائة ، ثم اتصل ثبوته على شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام تاسع عشر ربيع الآخر من السنة المذكورة ، ثم اتصل ثبوته على قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة ، ذكر ذلك ابن المتوج في كتابه "إيقاظ المتغفل واتعاظ المتوسل" .

[ ص: 52 ] الثامن : هل يلبسون العلامة الخضراء ؟

والجواب : لا يمنع منها من أرادها من شريف أو غيره ، ولا يؤمر بها من تركها من شريف أو غيره؛ لأنها إنما أحدثت سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بأمر الملك الأشرف شعبان بن حسين . أقصى ما في الباب أنه أحدث ليتميز به هؤلاء عن غيرهم ، وقد يستأنس لاختصاصها بهم بقوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [الأحزاب : 59] فقد استدل بها بعض العلماء على تخصيص أهل العلم بلباس يختصون به من تطويل الأكمام ، وإدارة الطيلسان ونحو ذلك؛ ليعرفوا فيجلوا تكريما للعلم ، وهذا وجه حسن . والله تعالى أعلم .

التاسع : هل يدخلون في الوصية على الأشراف أم لا ؟

العاشر : هل يدخلون في الوقف على الأشراف أم لا ؟

والجواب : إن وجد في كلام الموصي والواقف نص يقتضي دخولهم أو خروجهم اتبع ، وإن لم يوجد فيه ما يدل على هذا ولا هذا فقاعدة الفقه أن الوصية والوقف ينزل على عرف البلد ، وعرف مصر من عهد الخلفاء الفاطميين إلى الآن : أن الشريف لقب لكل حسني وحسيني خاصة ، فلا يدخلون على مقتضى هذا العرف ، وإنما دخلوا في وقف بركة الحبش؛ لأن واقفها نص في وقفه على أن نصفها للأشراف ونصفها للطالبيين .

التالي السابق


الخدمات العلمية