سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب العاشر في بعض مناقب سيدي شباب أهل الجنة أبي محمد الحسن وأبي عبد الله الحسين -رضي الله تعالى عنهما- سبطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سبيل الاشتراك

وفيه أنواع :

الأول : في عقه- صلى الله عليه وسلم- عنهما ، وأمره -صلى الله عليه وسلم- بحلق رؤوسهما ، وختانهما رضي الله تعالى عنهما

روى أبو داود عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- كبشا كبشا ، وعند النسائي : كبشين كبشين .

وروى الإمام أحمد في "المناقب" عن أبي رافع -رضي الله تعالى عنه- قال : إن الحسن بن علي -رضي الله تعالى عنهما- لما ولد أرادت أمه -رضي الله تعالى عنها- أن تعق عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تعقي عنه ، واحلقي شعر رأسه ، فتصدقي بوزنه من الورق" ، ثم ولد حسين -رضي الله تعالى عنه- فصنعت مثل ذلك . فتحمل صلى الله عليه وسلم عنها ذلك لا تركا بالأصالة .

يدل عليه : ما رواه الترمذي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : عق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة" فوزناه فكان درهما وبعض درهم .

وروى الطبراني عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام .

روى الدولابي عن محمد بن المنكدر -رحمه الله تعالى- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- لسبعة أيام .

الثاني : في تسميتهما رضي الله تعالى عنهما

روى الإمام أحمد في المناقب وابن حبان عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أروني ابني ، ما سميتموه ؟ فقلت : سميته حربا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بل هو حسن" ، فلما ولد (الحسين) قال : "أروني ابني ، ما سميتموه ؟ " قلت : سميته حربا ، قال : "بل هو حسين" ، فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أروني ابني ، ما سميتموه ؟ " فقلت : حربا ، فقال : "بل هو محسن" ، ثم قال : "إني سميتهم بأسماء أولاد هارون [ ص: 56 ] شبر وشبير ومشبر .

وفي رواية : قال علي -رضي الله تعالى عنه- : كنت رجلا أحب الحرب فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حربا ، فذكر الحديث ، وكنى الحسن أبا محمد ، والحسين أبا عبد الله . انتهى .

وروى أبو القاسم البغوي في "معجمه" ، والدولابي عن جعفر بن محمد ، عن أبيه- رحمهما الله تعالى- قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمى الحسن والحسين يوم سابعهما ، واشتق اسم حسين من حسن .

وروى الدولابي عن عمران بن أبي سليمان قال : الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية .

الثالث : في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو أولاد السيدة فاطمة -رضي الله تعالى عنهم- وعصبتهم .

روى الإمام أحمد في "المناقب" عن عمر -رضي الله تعالى عنهم- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة -رضي الله تعالى عنها- فإني أنا عصبتهم" .

وروى الطبراني عن عمر والطبراني عن فاطمة الكبرى -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا بني فاطمة ، فإني أنا عصبتهم ، وأنا أبوهم" .

وروى ابن أبي حاتم ، عن أبي الأسود ، والديلمي وأبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال : أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر ، قال : بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : تجده في كتاب الله -عز وجل- وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده ، ولفظ عبد الملك أن الحجاج ذكر الحسين ، فقال الحجاج : لم يكن من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ، قال يحيى : كذبت ، قال الحجاج : لتأتيني على ما قلت ببينة ، فقال : أليس تقرأ سورة الأنعام : ومن ذريته داود وسليمان [الأنعام : 84] حتى بلغ ويحيى وعيسى قال : بلى ، قال : أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب ؟ !

وفي لفظ : أخبر الله -عز وجل- أن عيسى من ذرية آدم من أمه ، قال : صدقت .

الرابع : في محبته صلى الله عليه وسلم لهما ، ودعائه لهما ، ولمن أحبهما ، وأنهما أحب أهل بيته إليه ، ودعا لمن أحبهما وأحب أبويهما

روى ابن أبي شيبة ، والطبراني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم! إني أحبهما فأحبهما ، وأبغض من أبغضهما" يعني : الحسن والحسين . انتهى .

[ ص: 57 ] وروى ابن عساكر عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني" .

وروى الإمام أحمد والطبراني في "الكبير" وابن عساكر عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الحسن مني والحسين مني" .

وروى الطبراني في "الكبير" وأبو نعيم وابن عساكر عن يعلى بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الحسن والحسين سبطان من الأسباط" .

وروى ابن عساكر عن سلمان وأبو نعيم عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الحسن والحسين من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحب الله تعالى أدخله الله جنات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم ، وله عذاب مقيم" .

وروى الطبراني في "الكبير" عن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، اللهم إني أحبهما فأحبهما" .

وروى الإمام أحمد وابن ماجه وابن سعد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني" .

وروى ابن عساكر عن زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب هؤلاء فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني" يعني الحسن والحسين وفاطمة وعليا ، رضي الله تعالى عنهم .

وروى الطبراني عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب هذين ، يعني الحسن والحسين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة" .

روى الطبراني في "الكبير" عن سلمان -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبه الله ، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم ، وله عذاب مقيم" .

وروى الطبراني في الكبير عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من أحبني فليحب هذين" يعني الحسن والحسين .

وروى الإمام أحمد والترمذي -وقال : غريب- عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال [ ص: 58 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة" .

وروى الترمذي -وقال : حسن صحيح- عن أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم ، إني أحبهما فأحببهما" .

وروى ابن أبي شيبة والطبراني في الكبير عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم ، إني أحبهما فأحبهما ، وأبغض من أبغضهما" يعني الحسن والحسين .

وروى الطبراني بسند لا بأس به عن الحسين بن علي -رضي الله تعالى عنهما- قال : من أحبنا للدنيا فإن صاحب الدنيا يحبه البر والفاجر ، ومن أحبنا لله ، كنا نحن وهو يوم القيامة كهاتين ، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى .

وروى الطبراني عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : استأذن علي -رضي الله تعالى عنه- على النبي صلى الله عليه وسلم [ . . . . . . ] .

وروى العقيلي والترمذي -وقال : حسن غريب- عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك ؟ قال : "الحسن والحسين" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لفاطمة -رضي الله تعالى عنها- : "ادعي لي ابني" ، فيشمهما ويضمهما إليه .

وروى الإمام أحمد في "المناقب" عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين ، وقال : "من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة" ، زاد الترمذي : "وكان معي في الجنة" .

وروى الإمام أحمد في "المناقب" والدولابي عن يعلى بن مرة -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه ، وقال : "إن الولد مبخلة مجبنة ، وإن آخر وطأة وطأها الرحمن -عز وجل- بوج" .

الخامس : في أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم مقرونة بمحبتهما

روى الطبراني وابن عساكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : أنا وفاطمة والحسن والحسين مجتمعون ، ومن أحبنا يوم القيامة نأكل ونشرب حتى يفرق الله بين العباد . فبلغ ذلك رجلا من الناس ، فسأل عنه فأخبرته ، فقال : كيف بالعرض والحساب ؟ فقلت له : كيف لصاحب ياسين بذلك حين أدخله الجنة من ساعته ؟ !

السادس : في أنهما ريحانتاه من الدنيا صلى الله عليه وسلم ، وتقبيله إياهما ، وشمه لهما

روى الترمذي -وقال : صحيح- عن ابن عمر ، والنسائي عن أنس -رضي الله تعالى عنهم- [ ص: 59 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الحسن والحسين هما ريحنتاي من الدنيا" .

روى عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "اللهم ، إني أحبهما فأحبهما ، وأبغض من أبغضهما" يعني الحسن والحسين .

وروى أبو الحسن الضحاك ، عن يعلى بن مرة -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أحدهما قبل الآخر ، فجعل يده في رقبته حتى ضمه إلى بطنه ، ثم جاء الآخر فجعل يده في رقبته حتى ضمه إلى بطنه ، ثم قبل هذا وقبل الآخر ، وقال : اللهم ، إني أحبهما فأحبهما ، ثم قال "أيها الناس إن الولد مبخلة مجبنة مجهلة" .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن يعلى العامري -رضي الله تعالى عنه- قال : جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه ، وقال : "الولد مجبنة مبخلة" .

وروى الطبراني في "الكبير" والضياء عن أبي أيوب -رضي الله تعالى عنه- قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- يلعبان بين يديه أو في حجره ، فقلت : يا رسول الله أتحبهما ؟ فقال : "وكيف لا أحبهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمهما" يعني الحسن والحسين .

السابع : في توريثهما -رضي الله تعالى عنهما- بعض صفته صلى الله عليه وسلم

روي عن أبي رافع عن فاطمة ، والطبراني وابن منده وابن عساكر عن السيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها أتت بابنيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه التي توفي فيها ، فقالت : يا رسول الله ، هذان ابناك ، فورثهما شيئا ، فقال لها : "أما حسن فله هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جراءتي وجودي" .

وروى ابن عساكر عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده -رضي الله تعالى عنه- أن فاطمة أتت بابنيها -رضي الله تعالى عنها- فقالت : يا رسول الله ، انحلهما ، قال : "نعم ، أما حسن فقد نحلته حلمي وهيبتي ، وأما الحسين فقد نحلته نجدتي وجودي" .

التالي السابق


الخدمات العلمية