سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيه :

قال الشيخ : في قول البخاري : "لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن" لا يعارضه ما تقدم من قوله أيضا في حسين أنه أشبهه؛ لأن ذلك بعد وفاة الحسن ، وهذا في حياته ، فكأنه كان أشبه به من الحسين ، لكن في الترمذي وابن حبان ، وذكر ما تقدم . انتهى .

وبه وبما قبله يجمع أيضا ، قال : نعم ، ثم لا يعارض ذلك قول علي -رضي الله تعالى عنه- في صفة النبي صلى الله عليه وسلم : "لم أر قبله ولا بعده مثله" أخرجه الترمذي في "الشمائل" لأن المنفي عموم الشبه ، والمثبت أصله أو معظمه . انتهى .

التاسع : في أنهما سيدا شباب أهل الجنة .

روى ابن سعد والحاكم عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أتاني جبريل ، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" .

وروى ابن عساكر عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "أتاني ملك فسلم علي نزل من السماء نزلة لم ينزل قبلها ، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" .

وروى الإمام أحمد وابن عساكر عن علي بن أبي طالب ، والروياني في مسنده ، وابن منده [ ص: 61 ] وابن قانع ، وأبو نعيم وابن عساكر عن جهم ، والإمام أحمد عن أبي سعيد -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا" .

وفي رواية : "وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم ابنة عمران" .

وفي رواية : دخل الحسن والحسين ابنا علي المسجد ، فقال جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- من أحب أن ينظر إلى سيدي شباب أهل الجنة فلينظر إلى هذين ، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وروى ابن عساكر عن ابن عمر ، وعلي -رضي الله تعالى عنهم- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ابناي هذان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما" .

وروى الطبراني في "الكبير" وأبو نعيم في "فضائل الصحابة" عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة : "ما من نبي إلا ولد الأنبياء غيري ، وإن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة يحيى وعيسى" .

وروى الطبراني في الكبير عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال : بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت عنده شخصا فقال لي : "يا حذيفة ، هل رأيت" قلت : نعم ، قال : هذا ملك ، لم يهبط منذ بعثت ، أتاني الليلة وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .

وعن حذيفة أيضا قال : رأينا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم السرور يوما من الأيام ، فقلنا : يا رسول الله ، لقد رأينا في وجهك تباشير السرور ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وكيف لا أسر وقد أتاني جبريل فبشرني أن حسنا وحسينا سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما أفضل منهما" .

وروى الترمذي -وقال : حسن صحيح- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" .

وروى الترمذي وحسنه والنسائي عن حذيفة أن أمه -رضي الله تعالى عنها- بعثته يستغفر لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصليت معه المغرب ، فصلى حتى صلى العشاء ، ثم انفتل صلى الله عليه وسلم فتبعته ، فسمع صوتي ، فقال : "من هذا ، حذيفة ؟ " قلت نعم ، قال : "ما حاجتك ، غفر الله لك ولأمك! إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة ، استأذن ربه -عز وجل- أن يسلم علي ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" .

وقد روي هذا من حديث علي بن أبي طالب والحسن نفسه وعمر وابنه عبد الله ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم .

[ ص: 62 ] العاشر : في نزوله صلى الله عليه وسلم من على المنبر حين رآهما يمشيان ويعثران

وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد والأربعة عن بريدة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ، ويعثران ، ويقومان ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر ، فحملهما واحدا من ذا الشق وواحدا من ذا الشق ، ثم صعد المنبر ، فقال : صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة [التغابن : 15] إني نظرت إلى هذين الغلامين يمشيان ، ويعثران ، فلم أصبر أن قطعت كلامي ، ونزلت إليهما .

الحادي عشر : في وثوبهما على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة

روى ابن حبان وعبد بن حميد عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، والحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- يتواثبان على ظهره ، فباعدهما الناس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بأبي وأمي من أحبني فليحب هذين" .

وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره ، فإذا رفع رأسه أخذهما أخذا رقيقا فيضعهما عن ظهره ، فإذا عاد عادا حتى إذا قضى صلاته أقعدهما على فخذيه ، قال : فقمت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، أردهما ، فبرقت برقة ، فقال لهما : "الحقا بأمكما" قال : فمكث ضوءها حتى دخلا على أمهما .

الثاني عشر : في حملهما -رضي الله تعالى عنهما- على بغلته ، وحمله صلى الله عليه وسلم إياهما على عاتقه .

روى مسلم ، عن ابن إياس ، عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال : لقد قدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء ، حتى أدخلتهم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم, هذا قدامه وهذا خلفه .

وروى مسلم عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنهما- قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل الحسن والحسين على (ناقته) وهو يقول : "اللهم ، إني أحبهما فأحبهما" .

الثالث عشر : في تعويذه صلى الله عليه وسلم إياهما .

روى البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول : "أعيذكما بكلمات الله (التامة) من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة" ، ويقول : إن أباكم إبراهيم -صلوات الله وسلامه عليه- كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق ، عليهما الصلاة والسلام .

[ ص: 63 ] الرابع عشر : في مصارعتهما -رضي الله تعالى عنهما- بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

روى ابن الأعرابي في معجمه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان الحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- يصطرعان بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "هي حسين" فقالت السيدة فاطمة : يا رسول الله : لم لا تقول : هي حسن ؟ فقال : "إن جبريل يقول : هي حسن" .

وروى أبو القاسم البغوي والحارث بن أبي أسامة ، عن جعفر بن محمد -رضي الله تعالى عنهما- عن أبيه قال : إن الحسن والحسين -رضي الله تعالى عنهما- كانا يصطرعان فاطلع ، علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : وهي الحسن ، فقال علي -رضي الله تعالى عنه- يا رسول الله ، هي الحسين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن جبريل يقول : وهي الحسين" .

الخامس عشر : في أنهما يحشران يوم القيامة على ناقته العضباء والقصواء

روى السلفي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "تبعث الأنبياء على الدواب ، ويحشر صالح على ناقته ، ويحشر ابنا فاطمة على ناقتي ، العضباء والقصواء ، وأحشر أنا على البراق ، خطواها عند أقصى طرفها ، ويحشر بلال على ناقة من نوق الجنة" .

السادس عشر : في كرمهما رضي الله تعالى عنهما

روى البخاري عن حرملة مولى أسامة بن زيد قال : "أرسلني أسامة إلى علي وقال : إنه سيسألك الآن ، فيقول : ما خلف صاحبك ؟ فقل له : يقول لك : لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه ، ولكن هذا أمر لم أره ، فلم يعطني شيئا ، فذهبت إلى حسن وحسين ، وابن جعفر فأوقروا لي راحلتي" .

السابع عشر : في حبهما ماشين رضي الله تعالى عنهما

روى ابن الجوزي [ . . . . . . ] .

[ ص: 64 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية