سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني عشر في بعض ما ورد مختصا بسيدنا الحسين -رضي الله تعالى عنه- من المناقب غير ما تقدم

وفيه أنواع :

الأول : في مولده ، وقدر عمره ، ووفاته .

ولد -رضي الله تعالى عنه- لخمس ليال خلون من شعبان ، سنة أربع ، وقيل : سنة ست ، وقيل : سنة سبع من الهجرة ، قال في الإصابة : وليس بشيء .

قال جعفر بن محمد : لم يكن بين الحمل بالحسين وبين ولادة الحسن إلا طهر واحد .

قال الحافظ : لعلها ولدته لعشرة أشهر ، وأبطأ الطهر شهرين ، وحنكه صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف الطيب في أذنه ، وتفل في فمه ، ودعا له ، وسماه حسينا .

وقيل : إنما سماه يوم السابع وعق عنه ، واستشهد يوم الجمعة يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق ، وجزم جمع كثير بأنه عاش ستا وخمسين سنة .

وقيل : وخمسة أشهر ، وقيل : ابن ثمان وخمسين سنة ، واسم قاتله سنان -بكسر المهملة والتنوين- ابن أنس النخعي في الأصح .

الثاني : في تقبيله صلى الله عليه وسلم فاه ، والدعاء له ، وتقبيله زبيبته ، ومص لعابه ، ودلعه لسانه له رضي الله تعالى عنه

روى أبو عمر عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بكفي حسين ، وقدماه على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : أنت عين بقه ، فرمى الغلام حتى وضع قدمه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : افتح فاك ، ثم قبله ، ثم قال : "اللهم إني أحبه فأحبه" .

وروى ابن أبي خيثمة وأبو الحسن الضحاك ، وقال أبو الحسن بن الهيثمي : رجاله كلهم ثقات ، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانطلقنا إلى سوق بني قينقاع ، فلما رجعنا دخل المسجد فجلس ، فقال : أين لكع ؟ فجاء الحسين يمشي حتى سقط في حجره ، فجعل أصابعه في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم فمه ، فأدخل فاه في فيه ، ثم قال : "اللهم ، إني أحبه فأحبه ، وأحب من يحبه" .

قال أبو هريرة : فما رأيته قط إلا فاضت عيناي دموعا .


وروى أبو بكر بن أبي شيبة عن يعلى العامري أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام [ ص: 72 ] دعي إليه ، فإذا حسين مع غلمان يلعب في طريق ، فاستهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم ، ثم بسط يده ، وانطلق الصبي بعدها هنا مرة ، وها هنا مرة ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه ، حتى أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل إحدى يديه تحت ذقنه ، والأخرى تحت قفاه ، ثم أقام رأسه فوضع فاه على فيه فقبله .

فقال : "حسين مني وأنا من حسين ، رحم الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الأسباط"
انتهى .

وروى ابن أبي عاصم عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : لما قتل الحسين بن علي -رضي الله تعالى عنهما- جيء برأسه إلى ابن زياد ، فجعل ينكت بقضيب معه على ثناياه وقال : كان حسن الثغر ، فقلت في نفسي لأسوءنك ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه .

وروى قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه قال : والله ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرج رجليه يعني للحسين ، ويقبل زبيبته .

وروى ابن حبان عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلع لسانه للحسين فيرى الصبي حمرة لسانه فيهش إليه ، فقال عيينة بن بدر الأزدي : أراك تصنع هذا بهذا ، فوالله ، إنه ليكون لي الولد قد خرج وجهه ، وما قبلته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لا يرحم لا يرحم" .

ورواه أبو عبيد ، وعنده : فإذا رأى الصبي حمرة لسانه يهش إليه .

وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لعاب الحسين كما يمص الرجل التمرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية