سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثامن : في قوله -صلى الله عليه وسلم- إن عم الرجل صنو أبيه ، والزجر عن أذاه ، والإيذان بأنه من النبي -صلى الله عليه وسلم- والنبي -صلى الله عليه وسلم- منه ، والوصية به .

روى الترمذي -وحسنه- عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم- لعمر -رضي الله تعالى عنه- : أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه ، وكان عمر -رضي الله تعالى عنه- كلمه في صدقته .

ورواه البيهقي وزاد : إنا كنا احتجنا فاستلفنا من العباس صدقة عامين .

وروى أبو القاسم البغوي في معجمه عنه -رضي الله تعالى عنه- قال : قلت لعمر -رضي الله تعالى عنه- أما تذكر حين شكوت العباس -رضي الله تعالى عنه- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه" .

وروى أيضا عن عطاء الخراساني ، وابن عساكر في التاريخ عنه مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "العباس عمي وصنو أبي ، من آذاه فقد آذاني" .

وروى الترمذي وابن عساكر عن ابن عباس ، وابن أبي الدنيا في مناقب العباس ، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" وابن النجار والخطيب عن المطلب ، وابن أبي شيبة عن مجاهد مرسلا- صحيح الإسناد- عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال : إن العباس -رضي الله تعالى عنه- دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي لفظ : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من آذى العباس فقد آذاني ، فإنما عم الرجل صنو أبيه" وفي لفظ : [ ص: 100 ] "احفظوني في العباس؛ فإنه بقية آبائي ، وإن عم الرجل صنو أبيه" .

وروى الترمذي وقال : حسن عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن عم الرجل صنو أبيه" .

وروى أبو بكر الشافعي في الغيلانيات ، وابن عساكر عن عمر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "العباس عمي وصنو أبي" .

وروى ابن عساكر عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- وعبد الرزاق وابن جرير ، عن مجاهد -مرسلا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا تؤذوني في العباس؛ فإن عم الرجل صنو أبيه" ، وفي لفظ : "فإنه بقية آبائي ، وإن عم الرجل صنو أبيه" .

وروى ابن عساكر عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تؤذوا العباس فتؤذوني ، من سب العباس فقد سبني ، فإن عم الرجل صنو أبيه" .

ورواه أيضا عن ابن عباس بدون "فإن عم الرجل" .

وروى الترمذي -وقال : حسن غريب- والحاكم وابن سعد عن ابن عباس ، وأبو داود الطيالسي ، والإمام أحمد ، وأبو داود وصححه ، والضياء عن البراء ، وابن سعد عن أبي مجلز مرسلا -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "العباس مني وأنا منه" وفي لفظ : "إن العباس مني وأنا منه" .

قال أبو عوانة : هذا الحديث اختلف أهل العلم في صحته ، قال ابن منده : إسناده متصل مشهور ، وهو ثابت على شرط الجماعة .

وفي لفظ : "إنما العباس صنو أبي فمن آذى العباس فقد آذاني" .

وروى الخليلي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "العباس وصيي ووارثي ، وعلي مني وأنا منه" .

وروى الحاكم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "العباس مني وأنا منه ، لا تؤذوا أمواتنا فتؤذوا به الأحياء" .

وروى ابن قانع ، عن حنظلة الكاتب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا أيها الناس ، إنما أنا ابن العباس ، فاعرفوا ذاك ، إنه صار لي والدا ، وصرت له فرطا" .

وروى ابن عدي وابن عساكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "احفظوني في العباس؛ فإنه بقية آبائي" .

وروى ابن عساكر عن عبد الله بن أبي بكر بلاغا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "احفظوني في عمي عباس؛ فإن عم الرجل صنو أبيه" .

[ ص: 101 ] وروى ابن عدي وابن عساكر عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "استوصوا بالعباس خيرا؛ فإنه عمي وصنو أبي" .

وروى الطبراني عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "استوصوا بالعباس خيرا؛ فإن عم الرجل صنو أبيه" .

التاسع : في أن الخلافة في ولده ودعائه -صلى الله عليه وسلم- للعباس ولولده ، وتحليلهم بكساء

روي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس : "إذا كان غداة الاثنين فائتني أنت وولدك ، حتى أدعو بدعوة" .

وروى الهيثم بن كليب ، وابن عساكر عن عبد الله بن عباس عن أبيه -وسنده رجاله ثقات- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم انصر العباس وولد العباس -ثلاثا- يا عم ، أما علمت أن المهدي من ولدك ، موفقا راضيا مرضيا" .

وروى الروياني والشاشي والخرائطي والحاكم -وتعقب- وابن عساكر عن سهل بن سعد قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان القيظ ، فنزل منزلا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل ، فقام العباس ، فستره بكساء من صوف ، قال سهل : فنظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب الكساء وهو رافع رأسه إلى السماء يقول : "اللهم استر العباس وولد العباس من النار" .

وروى عن ابن عساكر عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي -مرسلا- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم إن عمي العباس حاطني بمكة من أهل الشرك ، وأخذني على الأنصار ، وأجرني في الإسلام ، مؤمنا بالله مصدقا بي ، اللهم فاحفظه وحظه ، واحفظ له ذريته من كل مكروه" .

وروى الترمذي- وقال : حسن غريب- وأبو يعلى وابن عدي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- والطبراني في "الكبير" عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم انصر العباس" وفي لفظ : "اللهم اغفر للعباس" وفي لفظ : "ما أسر وما أعلن ، وما أبدى وما أخفى ، وما كان وما يكون منه ومن ذريته إلى يوم القيامة" وفي لفظ : "ولولد العباس ومن أحبهم" وفي لفظ : "لأبناء العباس وأبناء أبناء العباس" وفي لفظ : "وولده مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا ، اللهم اخلفه" وفي لفظ : "احفظه في ولده" .

العاشر : في تبشرة العباس بأن له من الله -عز وجل- حتى يرضى ، وأنه لا يعذب بالنار ولا أحد من ولده .

[ ص: 102 ] روى الديلمي عن ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم هذا عمي ، وصنو أبي ، وخير عمومة العرب ، اللهم أسكنه معي في البيت الأعلى" .

الحادي عشر : في منزلته في الجنة

روى ابن ماجه والحاكم في الكنى وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله -عز وجل- اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، فمنزلي ومنزل إبراهيم في الجنة تجاهين ، والعباس بيننا ، مؤمن بين خليلين" .

وروى ابن عساكر عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن له -يعني العباس- في الجنة غرفا كما تكون الغرف ، يطل علي يكلمني وأكلمه" .

الثاني عشر : في ملازمة العباس -رضي الله تعالى عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آخذا بلجام بغلته يوم حنين

[عن كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين ، فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فلم نفارقه ، والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي ، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته نحو الكفار .

قال عباس : وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أكفها إرادة أن لا تسرع ، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يا عباس ناد : يا أصحاب السمرة" قال عباس : وكنت رجلا صيتا ، فقلت بأعلى صوتي : أين أصحاب السمرة ؟ قال : فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها ، فقالوا : يا لبيك! يا لبيك! قال : فاقتتلوا هم والكفار ، والدعوة في الأنصار يقولون : يا معشر الأنصار يا معشر الأنصار ، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ، فقالوا : يا بني الحارث بن الخزرج يا بني الحارث ، قال : فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته وهو كالمتطاول عليها إلى قتالهم ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا حين حمي الوطيس" .

قال : ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ، ثم قال : انهزموا ورب محمد! قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى ، قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته ثم ركب فإذا حدهم كليل ، وأمرهم مدبر حتى هزمهم الله] .


التالي السابق


الخدمات العلمية