سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث عشر : في استسقاء الصحابة بالعباس رضي الله تعالى عنه

روى البخاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان إذا قحطوا استقوا [ ص: 103 ] بالعباس فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم تسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم فاسقنا ، فيسقون ، وقد قال عباس بن عتبة بن أبي لهب :


بعمي سقى الله الحجاز وأهله عشية يستسقي بشيبة عمر     توجه بالعباس في الجدب راغبا
إليه فما إن رام حتى أتى المطر     ومنا رسول الله فينا تراثه
فهل فوق هذا في المفاخر مفتخر



ومناقبه كثيرة مشهورة ، رضي الله تعالى عنه وأرضاه .

الرابع عشر : في تعظيم الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- للعباس رضي الله تعالى عنه

قال ابن شهاب : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس من فضله ، فيقدمونه ويشيرونه ، ويأخذون برأيه .

وقال ابن أبي الزناد ، عن أبيه : إن العباس لم يمر بعمر وعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجاوزهما العباس؛ إجلالا ، ويقولون : عم رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أبو عمر .

الخامس عشر : في بر علي بن أبي طالب به ، ودعائه له .

روى السلفي في المشيخة البغدادية عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : اعتل أبي العباس ، فعاده علي فوجد في أخمص رجليه ، فأخذ بهما من يدي ، وجلس موضعي وقال : أنا أحق بعمي منك ، إن كان الله -عز وجل- توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمي حمزة ، فقد أبقى لي العباس ، عم الرجل صنو أبيه ، وبره به بره بأبيه ، اللهم هب لعمي عافيتك ، وارفع له درجتك ، واجعله عندك في عليين .

السادس عشر : في إعطائه -صلى الله عليه وسلم- للعباس السقاية ، ورخصته له في ترك المبيت بمنى لأجلها

روي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال له العباس : ادفع لي مفاتيح البيت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لا بل أعطيكم شيئا يرزأكم ولا ترزؤونها" .

السابع عشر : في إثبات رخصته للأمة على ممر الزمان بسببه رضي الله تعالى عنه

[روى البخاري ومسلم عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال : استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته ، فأذن له] .

الثامن عشر : في فراسته رضي الله تعالى عنه

التاسع عشر : في سياسته رضي الله تعالى عنه

روى أبو محمد بن السقاء ، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال : قال لي [ ص: 104 ] العباس : يا بني ، إن أمير المؤمنين -يعني- يدعوك ويستشيرك ، فاحفظ عني ثلاث خصال : لا يجربن عليك كذبة ، ولا تفش له سرا ، ولا تغتابن عنده أحدا .

العشرون : في صدقته بداره لتوسيع المسجد

روي عن كعب قال : كان للعباس -رضي الله تعالى عنه- دارا ، فلما أراد عمر أن يوسع المسجد طلبها من العباس ، فقال : قد جعلتها صدقة مني على مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الحادية والعشرون : في عتقه

روى ابن أبي عاصم عن مجاهد -رضي الله تعالى عنه- قال : أعتق العباس بن عبد المطلب سبعين عبدا .

الثانية والعشرون : في جمل من مكارم أخلاقه ووفاته -رضي الله تعالى عنه- وما يتعلق به في الاكتفاء

قال الزبير بن بكار : وكان للعباس -رضي الله تعالى عنه- ثوبا لعاري بني هاشم ، وجفنة لجائعهم ، وكان يمنع الجار ، ويبذل المال ، ويعطي من النوال .

قال ابن المسيب : كانت جفنة العباس تدور على فقراء بني هاشم ، وكان يطعم الجائع ، ويؤدب السفيه .

قال الزهري : هذا والله هو السؤدد ، وكان عونا للمستضعفين بمكة ، وكان وصولا لأرحام قريش ، محسنا إليهم ، وكانت الصحابة تكرمه ، وتعظمه ، وتقدمه وتشاوره ، وتأخذ برأيه ، وكان شديد الصوت .

قال النووي : ذكر الحازمي في "المؤتلف" أن العباس كان يقف على "سلع" فينادي في الأماكن غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة فيسمعهم ، قال : وبين سلع والغابة ثمانية أميال .

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثلاثون حديثا ، اتفقا على حديث ، وانفرد البخاري بحديث ، ومسلم بثلاثة .

روى عنه ابناه [عبد الله وكثير وجابر والأحنف بن قيس وعبد الله بن الحارث ، وغيرهم من الصحابة . توفي -رضي الله تعالى عنه- وهو معتدل القامة ، وله ثمان وثمانون سنة ، يوم الجمعة لأربع عشرة خلت من رجب سنة اثنين وثلاثين في خلافة عثمان -رضي الله تعالى عنه- ودفن بالبقيع رضي الله تعالى عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية