سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب العاشر في شدة الوحي وثقله

قال الله سبحانه وتعالى : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا [المزمل 5] .

وقال زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه : أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فكادت فخذه ترض فخذي .

رواه الشيخان .

وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : إن كان ليوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب بجرانها فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرى عنه . وتلت الآية .

رواه الإمام أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه .

وقال أبو أروى الدوسي- بفتح الدال المهملة- رضي الله تعالى عنه : رأيت الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه على راحلته فترغو وتفتل يديها حتى أظن أن ذراعها تنقصم ، فربما بركت وربما قامت موتدة يديها حتى يسرى عنه عن ثقل الوحي ، وإنه ليتحدر منه مثل الجمان .

رواه ابن سعد .

وقال عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه وغمض عينيه .

رواه مسلم .

وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوحي إليه لم يستطع أحد منا يرفع طرفه إليه حتى يقضى الوحي .

رواه مسلم .

وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي يغط في رأسه ويتربد وجهه ويجد بردا في ثناياه ويعرق حتى لينحدر منه مثل الجمان .

رواه ابن سعد .

وقالت أسماء بنت يزيد رضي الله تعالى عنها : كنت آخذة بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت عليه سورة المائدة فكاد ينكسر عضدها من ثقل السورة . [ ص: 258 ]

رواه الإمام أحمد والطبراني .

وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها .

قال الحافظ عماد الدين بن كثير : وثبت في الصحيحين نزول سورة الفتح على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته ، فكأنه يكون تارة وتارة بحسب الحال .

وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها : لقد رأيته- تعني النبي صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقا .

رواه البخاري .

وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله هل تحس بالوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك ، فما مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض .

رواه أحمد .

وروى ابن سعد عن عكرمة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوحي إليه وقذ لذلك ساعة كهيئة السكران .

وقال يعلى بن أمية إنه كان يقول : «ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة وعليه ثوب قد أظل عليه ومعه ناس من أصحابه فيهم عمر إذ جاءه رجل متضمخ بطيب فقال : يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سكت ، فجاءه الوحي فأشار عمر : أن تعال ، فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كما يغط البكر ، كذلك ساعة ثم سري عنه» الحديث .

رواه الشيخان .

وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها في حديث الإفك : فأخذه- يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- ما كان يأخذه من البرحاء . [ ص: 259 ]

رواه الشيخان .

وقالت أيضا : وكان إذا أتاه الوحي أخذه السبل .

رواه الحاكم .

وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي تربد لذلك جسده ووجهه وأمسك عن أصحابه ولم يكلمه أحد منهم .

رواه أبو داود الطيالسي .

وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي صدع وغلف رأسه بالحناء .

رواه أبو نعيم وله طرق تأتي- في طبه صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يعالج من التنزيل شدة يحرك به لسانه وشفتيه من حبه إياه ، فأنزل الله تعالى : لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه

قال : جمعه لك في صدرك ثم تقرؤه . فإذا قرأناه فاتبع قرآنه فاستمع وأنصت . ثم إن علينا بيانه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بعد ذلك استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما وعده الله تعالى .


رواه الشيخان وابن سعد .

وروى الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي لم يستطع أحد منا يرفع إليه طرفه حتى ينقضي الوحي .

التالي السابق


الخدمات العلمية