سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الخامس في بعض مناقب عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه

وفيه أنواع :

الأول : في مولده

تقدم أنه ولد بأرض الحبشة وهو أول مولود بها للمسلمين ، وقدم مع أبيه -رضي الله تعالى عنهما- المدينة ، وحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وروى عنه .

الثاني : في بيعته رضي الله تعالى عنه

روى البغوي والطبراني بسند جيد عن هشام بن عروة عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- قال : إن عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- بايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما ابنا سبع سنين ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهما تبسم وبسط يده فبايعهما .

الثالث : في دعائه صلى الله عليه وسلم له

روى أبو يعلى والطبراني برجال الصحيح عن عمرو بن حريث -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنه- وهو يلعب مع الغلمان أو مع الصبيان فقال : "بارك الله بعبد الله في بيعته أو في صفقته" .

وروى الإمام أحمد والبغوي عن عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه ثلاثا ، كلما مسح قال : "اللهم أخلف جعفرا في ولده" .

وروى ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس ، والإمام أحمد وابن عساكر عن عبد الله بن جعفر ، وأبو داود الطيالسي وابن سعد والإمام أحمد والطبراني في "الكبير" والحاكم وابن عساكر والواقدي وابن سعد عن عبد الله بن جعفر ، وابن سعد عن عامر -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اللهم إن جعفرا قد قدم إلى أحسن الثواب فأخلف في ذريته بأحسن ما أخلفت أحدا من عبادك في ذريته" وفي لفظ : "اللهم أخلف جعفرا في ولده" وفي لفظ : "في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه" ثلاثا .

الرابع : في حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه على دابته

روى مسلم عن عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته ، قال : وإنه قدم من سفر فسبق بي إليه ، فحملني بين يديه ، ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه ، قال : فأدخلنا المدينة ثلاثة على دابة .

[ ص: 113 ] الخامس : في كرمه وجوده وبعض صفاته الجميلة

قال أبو عمر -رحمه الله تعالى- : كان عبد الله -رضي الله تعالى عنه- جوادا ، ظريفا ، حليما ، عفيفا ، سخيا ، يسمى بحر الجود ، يقال : إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه ، وكانوا يقولون : أجواد العرب في الإسلام عشرة . فأجواد الحجاز عبد الله بن جعفر ، وعبد الله بن عباس ، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص . وأجواد أهل الكوفة عتاب بن ورقاء ، وأحمد بن رياح بن يربوع ، وأسماء بنت خارجة بن حصين الفزاري ، وعكرمة بن ربعي الفياض أحد بني تيم الله بن ثعلبة . وأجواد أهل البصرة عمر بن عبد الله بن معمر ، وطلحة بن عبيد الله بن خلف الخزاعي أحد بني مليح وهو طلحة الطلحات ، وعبد الله بن أبي بكر . وأجواد أهل الشام خالد بن عبد الله بن أسيد .

قلت : ليس في هؤلاء كلهم أجود من عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنهم- ولم يكن مسلم يبلع مبلغه في الجود ، وعوتب عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنه- في ذلك فقال : إن الله -عز وجل- عودني عادة ، وعودت الناس عادة ، فأنا أخاف إن قطعتها قطعت عني .

السادس : في شبهه برسول الله صلى الله عليه وسلم

روى أبو القاسم البغوي عن عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنه- قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات جعفر دعا الحالق فحلق رؤوسنا ، وقال صلى الله عليه وسلم : "أما محمد فيشبه عمنا أبا طالب ، وأما عبد الله فيشبه خلقي وخلقي ، ثم أخذ بيدي وقال : اللهم أخلف جعفرا في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه" ثلاث مرات ، فجاءت أمنا أسماء تذكر ميتها فقال صلى الله عليه وسلم : "العيلة تكافئين عليها ، وأنا وليهم في الدنيا والآخرة" انتهى .

[ ص: 114 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية