سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب العاشر في بعض مناقب قثم بن العباس رضي الله تعالى عنه

وفيه أنواع :

الأول : في اسمه وصنعته

وهو رضيع الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه .

روى ابن أبي عاصم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان العباس -رضي الله تعالى عنه- يأخذ قثم وهو صغير فيضعه على صدره وهو يقول :


يا قثم يا شبيه ذي الكرم منا وذي الأنف الأشم برغم من زعم



الثاني : في شبهه برسول الله صلى الله عليه وسلم .

الثالث : في إردافه صلى الله عليه وسلم لقثم رضي الله تعالى عنه

روى الإمام أحمد وأبو عمرو ، وابن عساكر واللفظ له عن عبد الله بن جعفر -رضي الله تعالى عنه- قال : لقد ، وفي لفظ : لو رأيتني وقثم وعبيد الله بني عباس صبيانا ، وفي لفظ : نحن صبيانا نلعب إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابة فقال : ارفعوا هذا إلي ، فحملني فجعلني أمامه ، وقال لقثم : ارفعوا هذا إلي ، فجعلني خلفه ، وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم ، فما استحى من عمه أن حمل قثم وتركه ، ثم مسح على رأسي ثلاثا كلما مسح قال : "اللهم أخلف جعفرا في ولده" .

وروى ابن عساكر عنه قال : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الصبيان ، فحملني أنا وغلاما من بني العباس على الدابة ، وكنا ثلاثة .

الرابع : في أنه كان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره

وقد ذكره أبو عبد الله الحاكم في "تاريخ نيسابور" فقال : كان شبيه النبي صلى الله عليه وسلم وآخر الناس عهدا . وحديث أم الفضل ناطق بذلك بأسانيد كثيرة .

فعن أم الفضل قالت : رأيت كأن في بيتي عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت : فجزعت من ذلك ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك ، فقال "خيرا ، تلد فاطمة غلاما فتكفلينه بلبن ابنك قثم ، قالت : فولدت حسنا ، فأعطيته فأرضعته ، حتى تحرك ، أو فطمته ، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسته في حجره" الحديث .

[ ص: 120 ] الخامس : في وفاته

سافر -رضي الله تعالى عنه- إلى خراسان مع سهيل بن عثمان وكان معاوية ولى سعدا خراسان ، فقال له سعيد في بعض غزواته : يا ابن عم أضرب لك بمائة سهم ، فقال : يكفيني سهم واحد لي ، وسهمان لفرسي أسوة بالمسلمين ، ومات بسمرقند ، ويقال : استشهد بها ، ولا عقب له .

السادس : في بعض ما يؤثر عنه من محاسن الأخلاق

قال البلاذري : يروى عنه أنه قال : الجواد من إذا سئل أعطى عطية ، فكان على يد عظيمة ، ورأى من بذل وجهه إليه متفضلا عليه ، والله سبحانه وتعالى أعلم . انتهى .

[ ص: 121 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية