سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
السابع : في رؤيته لجبريل صلى الله عليه وسلم

روى الترمذي وأبو عمر عنه -رضي الله تعالى عنه- قال : رأيت جبريل مرتين ودعا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة مرتين ، وفي رواية : قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل فقال له جبريل : إنه كائن حبر هذه الأمة ، واستوصى به خيرا .

وروى الإمام أحمد والطبراني برجال الصحيح عنه قال : كنت مع أبي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يناجيه ، وكان كالمعرض عن أبي فخرجنا من عنده فقال لي أبي : أي بني ؟ ألم ترى إلى ابن عمك كالمعرض عني ؟ فقلت : يا أبت إنه كان عنده رجل يناجيه قال : فرجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبي : يا رسول الله ، قلت لعبد الله كذا وكذا ، فأخبرني أنه كان عندك رجل يناجيك ، فهل كان عندك أحد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وهل رأيته يا عبد الله ؟ " قلت : نعم ، قال : "ذاك جبريل -عليه السلام- هو الذي شغلني عنك" .

وروى عنه قال : مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ثياب بيض وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي وهو جبريل ، وأنا لا أعلم فسلم علي .

الثامن : في حبه الخير لغيره إن لم ينله منه شيء .

روى الطبراني برجال الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن أبي بريدة -رحمه الله تعالى- أن رجلا شتم ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- فقال : إنك لتشتمني وفي ثلاث خصال : إني لآتي على الآية من كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون ما أعلم ، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح ، ولعلي لا أمضي عليه أبدا ، وإني لأسمع بالغيث قد أصاب البلد من بلاد المسلمين فأفرح وما لي به سائمة .

التاسع : في أنه أبو الخلفاء

روى أبو نعيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "اذهبي بأبي الخلفاء" الحديث .

العاشر : في صبره واحتماله

اعلم أن الإمام ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- كان من أحواله الصبر والرضا ، ولا سيما عند فقد بصره .

روي عنه -رضي الله تعالى عنه- قال : ما بلغني عن أخ لي بمكروه إلا أنزلته إحدى ثلاث منازل : إما أن يكون فوقي ، فأعرف له قدره ، أو نظيري تفضلت عليه ، أو دوني فلم أحفل به .

[ ص: 130 ] وروي عن عكرمة -رضي الله تعالى عنه- قال رجل : يا ابن عباس ، فلما قضى حاجته قال : يا عكرمة ، انظر هل للرجل حاجة فنقضيها ؟ قال : فنكس الرجل رأسه استحياء .

وروي عن عكرمة بن سليم -رضي الله تعالى عنه- قال : كنت مع ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- آكل معه ، فدخل قوم فقالوا : أين ابن عباس الأعمى ؟ فقال ابن عباس : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور [الحج : 46] .

الحادي عشر : في شوقه -رضي الله تعالى عنه- في دينه

روي عن طاوس -رضي الله تعالى عنه- قال : ما رأيت أحدا كان أشد تعظيما لحرمات الله -عز وجل- من ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- .

وروى أبو محمد الإبراهيمي في كتاب "الصلاة" عن سماك أن الماء لما برد في عين ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- فذهب بصره أتاه الذي يثقب العين ويسيل الدماء فقال : أخل بيننا وبين عينيك يسيل ماؤها ، ولكن تمسك خمسة أيام عن الصلاة فقال : لا والله ولا ركعة واحدة ، إني حدثت أنه من ترك صلاة واحدة لقي الله وهو عليه غضبان . وقال : وآخر شدة يلقاها المؤمن الموت ، وكذلك كف بصر والده العباس ، وجده عبد المطلب .

التالي السابق


الخدمات العلمية