سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
السادس عشر : في فزعه إلى الصلاة عند شدة تعرقه

روى الطبراني عن حسان -رضي الله تعالى عنه- قال : بدت لنا معشر الأنصار حاجة إلى الوالي ، وكان الذي طلبنا إليه أمرا صعبا ، فمشينا إليه برجال من قريش وغيرهم ، فكلموه ، وذكروا له وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ، فذكر لهم صعوبة الأمر ، فعذره القوم ، وألح عليه ابن عباس ، فوالله ما وجد بدا من قضاء حاجته ، فخرجنا حتى دخلنا المسجد فإذا القوم أندية ، قال حسان : فضحكت وأنا أسمعهم : إنه والله كان أولاكم بها ، إنها والله صبابة النبوة ، ووراثة أحمد ، وتهذيب أعراقه ، وانتزاع شبه طباعه ، فقال القوم : أجمل يا حسان ، فقال ابن عباس : صدقوا فأجمل ، فأنشأ حسان يمدح ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- :


إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه رأيت له في كل مجمعة فضلا     إذا قال لم يترك مقالا لقائل
بملتقطات لا ترى بينها فضلا     كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع
لذي أربة في القول جدا ولا هزلا     سموت إلى العليا بغير مشقة
فنلت ذراها لا جبانا ولا وغلا     خلقت حليفا للمروءة والندى
بليجا ولم تخلق كهاما ولا خبلا



فقال الوالي : ما أراد بالكهام غيري ، والله بيني وبينه .

السابع عشر : في وفاته -رضي الله تعالى عنه- توفي بالطائف .

روى الطبراني برجال الصحيح عن سعيد بن جبير -رحمه الله تعالى- قال : مات ابن عباس -رحمه الله- ورضي الله عنه بالطائف ، وشهدنا جنازته ، فجاء طائر لم ير على خلقه ، حتى دخل في نعشه ، ثم لم ير خارجا منه ، فلما دفن تليت هذه الآية على القبر يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [الفجر : 27 - 30] .

وروي أيضا عن عبد الله بن ياسين عن أبيه نحوه ، إلا أنه قال : جاء طائر أبيض يقال له : الغرنوف .

قال يحيى بن بكير -رحمه الله تعالى- : توفي عبد الله بن عباس سنة ثمان وستين وهو ابن إحدى أو اثنتين وسبعين سنة ، وكان يصفر لحيته .

[ ص: 133 ] الثامن عشر : في ولده رضي الله تعالى عنه

كان له -رضي الله تعالى عنه- من الولد العباس ، وبه كان يكنى ، وعلي البحار ، والفضل ، ومحمد ، وعبيد الله ، ولبابة ، وأسماء رضي الله تعالى عنها .

التالي السابق


الخدمات العلمية