سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الرابع عشر في بعض مناقب نوفل بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه

وفيه أنواع :

الأول : في اسمه وكنيته رضي الله تعالى عنه :

لم يرد اسمه نوفلا ، ويكنى أبا الحارث ، كان أسن من إخوته ، ومن جميع من أسلم من بني هاشم ، حتى حمزة والعباس ، وأسر يوم بدر ، وفداه العباس ، وقيل : بل فدى نفسه .

الثاني : في إسلامه رضي الله تعالى عنه :

أسلم وهاجر أيام الخندق ، وقيل : أسلم يوم فدى نفسه .

وروى ابن سعد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل -رضي الله تعالى عنه- قال : لما أسر نوفل بن الحارث ببدر ، قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : "افد نفسك" قال : ما لي شيء أفدي نفسي به ، قال صلى الله عليه وسلم : "افد نفسك برماحك التي بجدة" ، فقال : والله ، ما علم أحد أن لي بجدة رماحا غيري بعد الله ، أشهد بأنك رسول الله .

الثالث : في نبذ من فضائله :

شهد -رضي الله تعالى عنه- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة ، وحنينا ، والطائف ، وكان -رضي الله تعالى عنه- يوم حنين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بثلاثة آلاف رمح ، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : كأني أرى رماحك تقض أصلاب المشركين ، وآخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين العباس -رضي الله تعالى عنهما- وكانا مشركين في الجاهلية متحابين .

الرابع : في وفاته رضي الله تعالى عنه

[توفي نوفل بن الحارث بعد أن استخلف عمر بن الخطاب بسنة وثلاثة أشهر ، فصلى عليه ، ثم تبعه إلى البقيع حتى دفن هناك] .

الخامس : في أولاده :

كان له -رضي الله تعالى عنه- من الولد الحارث ، وعبد الله ، وعبيد الله ، والمغيرة ، وسعيد ، وعبد الرحمن ، وربيعة ، فأما الحارث فكان يلقب "ببه" لأن أمه هند بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية كانت ترقصه وهو طفل وتقول :


لأنكحن ببه جارية خدبه     مكرمة محبه
بحب أهل الكعبه

.

والخديب : هو العظيم الباقي .

[ ص: 138 ] وأسلم مع إسلام أبيه ، وكان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلا ، ولد له ولده عبد الله ، فأتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحنكه ودعا له ، واستعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بعض عمالة مكة ، واستعمله أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- أيضا ، وولي الحارث مكة ، وانتقل من المدينة إلى البصرة ، وكان -رضي الله تعالى عنه- قد اصطلح عليه أهل البصرة حين توفي يزيد بن أبي سفيان .

مات بالبصرة في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه .

وأما المغيرة فيكنى أبا يحيى ، ولد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة قبل الهجرة ، وقيل : بعدها ، ولم يدرك من حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير ست سنين ، وهو الذي طرح على عبد الرحمن بن ملجم القطيفة حين ضرب عليا -رضي الله تعالى عنه- على هامته بسيفه ، فصرعه ، فلما هم الناس به حمل عليهم بسيفه ، فخرجوا له ، فتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة ، فرماها عليه واحتمله ، وضرب به الأرض ، وقعد على صدره ، وانتزع سيفه منه ، وكان -رضي الله تعالى عنه- أيدا ، أي : قويا ، ثم حمل ابن ملجم وحبس حتى مات علي -رضي الله تعالى عنه- فقتل ، وكان المغيرة هذا قاضيا في زمن معاوية ، وشهد مع علي صفين ، وتزوج أمامة بنت أبي العاص بن الربيع بعد علي -رضي الله تعالى عنه- روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقيل : إن حديثه مرسل ، ولم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن ولده عبد الملك بن المغيرة بن نوفل ، وأما عبد الله بن نوفل بن الحارث فكان جميلا ، يشبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان رضي الله تعالى عنه أول من ولي القضاء بالمدينة في خلافة معاوية . وأما أخواه عبيد وسعيد فقد روي عنهما العلم ، وأما عبد الرحمن وربيعة ابنا نوفل بن الحارث فلا بقية لهما .

[ ص: 139 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية