سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
السابع : تبشير النبي -صلى الله عليه وسلم- إياها ببيت في الجنة

روى الشيخان عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر خديجة -رضي الله تعالى عنها- ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .

وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني -برجال ثقات- وابن حبان والدولابي ، عن عبد الرحمن بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن خديجة أنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام ، قال : أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب ، لا لغو فيه ولا نصب .

وعند الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن أبي أوفى -يعني : قصب اللؤلؤ- وعنده في الكبير ، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- : بيت من لؤلؤة مجوفة .

الثامن : في كثرة ثناء النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها رضي الله تعالى عنها

روى الإمام أحمد بسند جيد عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة -رضي الله تعالى عنها- أثنى فأحسن الثناء ، عليها ، قالت : فغرت يوما ، فقلت : ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين ، قد أبدلك الله خيرا منها ، فقال : ما أبدلني الله -عز وجل- خيرا منها ، قد آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء . وفي رواية الشيخين : قد أبدلك الله خيرا منها .

وروى الطبراني بإسناد جيد والدولابي عنها -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة -رضي الله تعالى عنها- لم يكد يسأم من ثناء عليها ، واستغفار لها ، فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة ، قالت : فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضب غضبا شديدا ، وسقطت في جلدي ، فقلت : اللهم إن ذهب غيظ رسولك لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت ، قالت : فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ ! والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس ، وواستني إذ رفضني الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، ورزقت من الولد إذ حرمتموه ، فغدا وراح علي شهرا .

التاسع : في بره -صلى الله عليه وسلم- أصدقاء خديجة -رضي الله تعالى عنها- بعد موتها

روي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتي بالشيء يقول : اذهبوا به إلى فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة . رواه ابن حبان والدولابي . وفيه : يأتيه ، اذهبوا به إلى بيت فلانة؛ فإنها كانت تحب خديجة .

[ ص: 159 ] وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت عجوز تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهش لها ويكرمها . وفي لفظ : "كانت عجوز تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها : من أنت ؟ فقالت : جثمامة المدينة قال : بل أنت حسانة المدينة ، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت : بخير ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله .

وفي لفظ : كانت تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة فقلت : يا رسول الله من هذه ؟ وفي لفظ : بأبي أنت وأمي إنك لتصنع بهذه العجوز شيئا لم تصنعه بأحد . وفي لفظ : فلما خرجت ، قلت : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ ! فقال : "يا عائشة ، إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان" . وفي لفظ : "وإن كرم الود من الإيمان" .

التالي السابق


الخدمات العلمية