سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
[ ص: 164 ] الباب الثالث في بعض مناقب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما -

  وفيه أنواع :

  الأول : في نسبها ومولدها .

  تقدم نسب أبيها ، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ، روى أبو بكر بن أبي خيثمة عن علي بن (زيد) عن القاسم بن محمد أن أم رومان زوج أبي بكر الصديق أم عائشة - رضي الله تعالى عنهم - لما أدليت في قبرها ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين ، فلينظر إلى أم رومان » هذا الحديث بسطت الكلام عليه في شرح حديث الإفك ، وولدت بعد البعثة بأربع سنين أو خمس .

  الثاني : في كنيتها : روى ابن الجوزي - في الصفوة - عنها - رضي الله تعالى عنها - قال : قلت : يا رسول الله ، ألا تكنيني ؟ قال : تكني بابنك ، يعني عبد الله بن الزبير .

  وروى ابن حبان عنها قالت : لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتفل في فيه ، فكان أول شيء دخل في جوفه ، وقال : هو عبد الله ، وأنت أم عبد الله .

  وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عنها قالت : قلت : يا رسول الله إن لكل صواحبي كنى ، فلو كنيتني ! قال : اكتني بابنك عبد الله بن الزبير ، فكانت تكنى بأم عبد الله حتى ماتت .

  وقيل : إنها ولدت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولدا مات طفلا ، وهذا غير ثابت ، والصحيح الأول ، لأنه ورد عنها من طرق كثيرة .

  الثالث : في تسميتها - رضي الله تعالى عنها - .

  روى الترمذي - في الشمائل - عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة » . قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - فمن يكن له فرط من أمتك . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له فرط يا موفقة » قالت : فمن لم يكن له فرط من أمتك ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : «فأنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي لن يصابوا بمثلي » .

[ ص: 165 ] الرابع : في هجرتها - رضي الله تعالى عنها -

  روى الطبراني بإسناد حسن عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قدمنا مهاجرين فسلكنا في مسالك صعبة ، فنفر بي جمل كنت عليه نفورا منكرا ، فوالله ما أنسى قول أمي يا عربسة ، فركب بي رأسه ، فسمعت قائلا يقول : ألقي خطامه فألقيته ، فقام يستدير كأنما إنسان يديره ، كأنما إنسان قام تحته .

  الخامس : في بيان إتيان جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصورتها وإخباره - عز وجل - أنها زوجته .

  روى الإمام أحمد والشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «رأيتك في المنام قبل أن أتزوجك مرتين » وفي لفظ : «ثلاث ليال ، جاءني بك ملك في خرقة من حرير فيقول : هذه امرأتك فيكشف عن وجهها ، فإذا هي أنت ، فأقول إن يك من عند الله يمضه .

  وروى الترمذي وحسنه وابن عساكر عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : جاء بي جبريل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خرقة حرير خضراء ، فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة وروى ابن عساكر عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : ما تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتاه جبريل - صلى الله عليه وسلم - بصورتي فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ، تزوجني وإني لجارية على حرف فلما تزوجني أوقع الله علي الحياء .

  روى الترمذي عن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل فقال إن الله - عز وجل - زوجك بابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة » .

 

التالي السابق


الخدمات العلمية