سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثلاثون : في سعة علمها - رضي الله تعالى عنها - وكونها أفقه الناس مطلقا

    روى الترمذي وحسنه وصححه وابن أبي خيثمة عن أبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنهم - ما أشكل علينا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها منه علما .

  وروى ابن أبي خيثمة والطبراني برجال ثقات عن الزهري - رحمه الله تعالى - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال - : «لو جمع علم نساء هذه الأمة فيهن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان علم عائشة أكثر من علمهن » .

  وروى سعيد بن منصور وابن أبي خيثمة والطبراني بسند حسن عن مسروق - رحمه الله تعالى - أنه كان يحلف بالله ، لقد رأيت الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ مشيخة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألون عائشة عن الفرائض .

  وروى ابن أبي خيثمة ، والحاكم ، والطبراني بسند حسن وأبو عمرو بن عساكر عن عروة بن الزبير قال : ما رأيت أحدا أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بفقه ، ولا بطب ، ولا بشعر ، ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة - رضي الله تعالى عنها - .

  وروى الطبراني برجال الصحيح عن موسى بن طلحة ، قال : ما رأيت أحدا كان أفصح من عائشة - رضي الله تعالى عنها - وروى الطبراني عن معاوية قال : والله ، ما رأيت خطيبا قط أبلغ ولا أفصح ، ولا أفطن من عائشة .

  وروي عن عروة ، وقد قيل له : ما أرواك يا أبا عبد الله وكان أروى الناس للشعر ! فقال : ما روايتي في رواية عائشة ، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا .

[ ص: 180 ] وروى الإمام أحمد عنه أنه كان يقول لعائشة : يا أمتاه لا أعجب من فهمك ، أقول : زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر ، وأيام الناس ، أقول ابنة أبي بكر ، وكان أعلم أو من أعلم الناس ، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ؟ وأين هو ؟ قال : فضربت على منكبه ، وقالت : أي عرية ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسقم وفي لفظ كثرت أسقامه عند آخر عمره ، فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه وفي لفظ : فكانت أطباء العرب والعجم ينعتون له ، وكنت أعالجها فمن ثم .

  وروى الحاكم وأبو فرج بن الجوزي عن الزهري قال : لو جمع علم الناس كلهم وعلم أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكانت عائشة أوسعهم علما وفي لفظ : لو جمع علم عائشة إلى علم جميع الناس وجميع أمهات المؤمنين ، لكان علم عائشة أفضل .

  وروى الإمام أحمد في - الزهد - والحاكم عن الأحنف بن قيس قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان ، وعلي ، والخلفاء وهلم جرا فما سمعت منهم كلام مخلوق أفحم ولا أحسن منه من في عائشة .

  وروى الحاكم ، وابن أبي خيثمة والبلاذري عن عطاء بن رباح قال : كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم ، وأحسن الناس رأيا في العامة .

  وروى ابن أبي خيثمة عن سفيان بن عيينة قال : قال معاوية بن أبي سفيان : يا زياد أي الناس أعلم ؟ قال : أنت يا أمير المؤمنين ، قال : أعزم عليك . قال : أما إذا عزمت علي فعائشة .

  وروى البلاذري عن قبيصة بن ذؤيب ، قال : كانت عائشة أعلم الناس من نسائها والأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى أيضا عن القاسم بن محمد ، قال : كانت عائشة - رضي الله تعالى عنها - قد اشتغلت بالفتوى زمن أبي بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت .

  وروي لها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث ، اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثا ، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين ، ومسلم بثمانية وسبعين ، وروى عنها خلق كثير من الصحابة ، والتابعين - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - .

التالي السابق


الخدمات العلمية