سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الخامس : في ابتدائه صلى الله عليه وسلم بها إذا دار على نسائه ، وتخصيصه أم سلمة من دون غيرها في بعض الأحوال - رضي الله تعالى عنهن -

  روى عمر الملا ، عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى العصر دخل على نسائه واحدة واحدة ، يبدأ بأم سلمة لأنها أكبرهن ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختم بي .

  وروى الإمام أحمد عن موسى بن عقبة عن أمه عن أم كلثوم ، قالت : لما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة ، قال لها : يا أم سلمة ، إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأوقية مسك ، ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة فهي لك . فكان كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وردت عليه هديته فأعطى كل واحدة من نسائه أوقية وأعطى أم سلمة المسك والحلة .

  السادس : في مبايعتها ، ومحافظتها على دينها وبرها - رضي الله تعالى عنها - .

  روى مسلم عن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - قالت : لما مات أبو سلمة قلت : غريب بأرض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه . فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : «أتريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه » مرتين . فكففت عن البكاء فلم أبك .

  وروى أيضا عنها رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله ، إني امرأة أشد ضفر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا ، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهري .

  وروى الشيخان عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : قلت : يا رسول الله ، هل لي أجر في بني أبي سلمة ، أنفق عليهم ولست بتاركتهم هكذا وهكذا ، إنما هم بني ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، لك أجر ما أنفقت عليهم .

[ ص: 191 ] السابع : في جزالة رأيها في قصة الحديبية .

  روى الإمام أحمد والشيخان عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم ، قالا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل مكة ، وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم فلما فرغ قال للناس : قوموا فانحروا ، ثم احلقوا قالا : فوالله ما قام منهم رجل ، حتى قالها ثلاثا ! فلما لم يقم أحد ، ولا تكلم أحد منهم قالت : لن يقوموا حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج ففعل ذلك ، فلما رأوا ذلك ، قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا . وتقدم مبسوطا في غزوة الحديبية .

  الثامن : في وفاتها - رضي الله تعالى عنها - .

  قال ابن أبي خيثمة - رحمه الله تعالى - توفيت أم سلمة في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين على الصحيح ، واستخلف يزيد سنة ستين بعد ما جاء خبر الحسين بن علي - رضي الله تعالى عنهما - عليهم ، ولها أربع وثمانون سنة على الصواب .

  وروى الطبراني برجال ثقات عن الهيثم بن عدي - رحمه الله تعالى - قال : أول من مات من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش ، وآخر من مات منهن أم سلمة زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين .

  التاسع : في ولدها - رضي الله تعالى عنها -

  كان لها ثلاثة أولاد : سلمة أكبرهم ، وعمر ، وزينب أصغرهم ربوا في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - واختلف الرواة فيمن زوجها من النبي - صلى الله عليه وسلم - فروى الإمام أحمد والنسائي أنه عمر ، وقيل سلمة أبو عمر ، وعليه الأكثر ، وزوجه - صلى الله عليه وسلم - أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب ، عاش في خلافة عبد الملك بن مروان ، ولم تحفظ له رواية ، وأما عمر - رضي الله تعالى عنه - فله رواية وتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وله تسع سنين ، وكان مولده بالحبشة ، في السنة الثانية من الهجرة ، واستعمله علي - رضي الله تعالى عنها - على فارس ، والبحرين ، وتوفي بالمدينة سنة ثلاث وثمانين في خلافة عبد الملك . وأما زينب فولدت بأرض الحبشة وكان اسمها (برة ) فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب ، دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فنضح في وجهها الماء فلم يزل ماء الشباب في وجهها - رضي الله تعالى عنها - حتى كبرت وعجزت .

  روى الطبراني عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : كانت أمي إذا دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل تقول أمي : اذهبي فادخلي ، قالت : فدخلت ، فنضح في وجهي بالماء ، وقال : ارجعي ، وقال العطاف : قالت أمي : فرأيت وجه زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شيء .

  وتزوجها عبد الله بن زمعة بن الأسود الأسدي وولدت له ، وكانت من أفقه أهل زمانها .

[ ص: 192 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية