سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الخامس - في أنه خير من طلعت عليه الشمس وغربت ، وأنه أول من يدخل الجنة من هذه الأمة وغير ذلك من بعض فضائله .

  روى أبو داود وأبو نعيم في فضائل الصحابة والحاكم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى [ ص: 256 ] عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أتاني جبريل فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي ، قال أبو بكر : وددت أني كنت معك حتى انظر قال : أما إنك يا أبا بكر ، أول من يدخل الجنة من أمتي .

  وروى ابن عساكر عن أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يمشي أمام أبي بكر فقال : أتمشي أمام من هو خير منك ؟ إن أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس وغربت .

  وروى أبو نعيم في فضائل الصحابة عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أتمشي أمام من هو خير منك ، ألم تعلم أن الشمس لم تشرق على أحد أو تغب خير من أبي بكر إلا النبيين والمرسلين .

  وروى أيضا عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «أتمشي أمام أبي بكر ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبي بكر » .

  وروى الديلمي عن عرفجة بن صريح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «أنا سيف الإسلام ، وأبو بكر سيف الردة » .

  وروى أبو نعيم في الحلية عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة » .

  وروى الخطيب في المتفق والمفترق بسند لا بأس به عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن الناس كلهم يحاسبون إلا أبا بكر » .

  وروى الديلمي عن جابر - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «تأتي الملائكة بأبي بكر مع النبيين والصديقين تزفه إلى الجنة زفا » .

  وروى الإمام أحمد وابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة وأبو يعلى عن عائشة وحسنه ابن كثير والخطيب عن علي - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر » .

  وروى أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ما نفعني مال قط إلا مال أبي بكر » .

  وروى الحاكم وابن عساكر عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يا أبا بكر ، أنت عتيق الله من النار » .

[ ص: 257 ] وروى الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن أنس عن أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا في الغار : ولو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بكر ، ما ظنك باثنين الله ثالثهما . ورواه أبو نعيم في فضائل الصحابة عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - .

  وروى الطبراني في الكبير عن معاوية - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «يا أبا بكر ، إن أفضل الناس عندي في الصحبة ، وذات يده ابن أبي قحافة .

  وروى عبدان المروزي وابن قانع عن قهذاذ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يا أيها الناس ، احفظوني في أبي بكر ، فإنه لم يسؤني منذ صحبتي » .

  وروى ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الصحابة ، والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للعباس : «يا عباس ، يا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إن الله جعل أبا بكر خليفتي على دين الله ووحيه ، فاسمعوا له تفلحوا ، وأطيعوا ترشدوا » .

  وروى ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال : نزلت هذه الآية رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي [الأحقاف 15 ] إلى آخرها في أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - فاستجاب الله له ، فأسلم والداه جميعا وإخوته وولده كلهم ، ونزلت فيه أيضا فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى [الليل 5 ] إلى آخر السورة .

  وروى الطبراني عن عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ائتوني بدواة وكتب : أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ، ثم ولانا قفاه ، ثم أقبل علينا فقال : «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » .

  وروى الطبراني برجال ثقات عن سالم بن عبيد - رضي الله تعالى عنه - قال : «لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عمر : لا أسمع أحدا ، يقول مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ضربته بالسيف ، فأخذ أبو بكر بذراعي علي ، وقام يمشي حينا ، فقال : أوسعوا ، فأوسعوا له فأكب عليه ، ومسه ، قال «إنك ميت وإنهم ميتون » قالوا : يا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . فعلموا أنه كما قال : قالوا : يا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتصلي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، يدخل قوم ، فيكبرون ويدعون ويصلون ثم ينصرفون ، ويجيء آخرون حتى يفرغوا ، قال : يا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيدفن [ ص: 258 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، قالوا : أين يدفن ؟ قال : حيث قبض ، فإن الله تعالى لم يقبضه إلا ببقعة طيبة ، فعلموا أنه كما قال ، ثم قال ، فقال : عندكم فاغسلوه ، فأمرهم يغسلونه ثم خرج واجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا : انطلقوا إلى إخواننا من الأنصار فإن لهم من هنا نصيبا ، فانطلقوا ، فقال : رجل من الأنصار : منا أمير ومنكم أمير ، فأخذ عمر - رضي الله تعالى عنه - بيد أبي بكر فقال أخبروني من له هذه الثلاثة ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا [التوبة 40 ] من صاحبه ؟ فأخذ بيد أبي بكر فضرب عليها وقال للناس : بايعوه فبايعوه بيعة حسنة جميلة » .

  وروى ابن الجوزي في المنتظم عن زيد بن أرقم قال : كان لأبي بكر الصديق مملوك يغل عليه ، فأتاه ليلة بطعام ، فتناول منه لقمة ، فقال له المملوك : ما لك كنت تسألني عن كل ليلة ، ولم تسألني الليلة ؟ فقال : حملني على ذلك الجوع ، من أين جئت بهذا ؟ قال : مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فوعدوني فلما كان من اليوم مررت بهم فإذا عرس لهم فأعطوني فقال له : إن كدت تهلكني فأدخل يده في حلقه ، وجعل يتقيأ ، وجعلت لا تخرج ، فقيل له : إن هذه لا تخرج إلا بالماء ، فدعا بطست من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها ، فقيل له : يرحمك الله كل هذا من أجل هذه اللقمة ؟ قال : لولا تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : «كل جسد نبت من سحت » فالنار أولى به فخشيت أن ينبت شيء من جسدي من هذه اللقمة ، وكان يسمى الأواه ، لرأفته ورحمته ، فصعد علي على المنبر ، وقال : ألا إن أبا بكر أواه منيب القلب .

  وقال قيس : رأيت أبا بكر آخذا بطرف لسانه ، وهو يقول : هذا أورد في الموارد وقال أبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - : يا ليتني كنت شجرة تقطع ثم تؤكل » . وقال عمران الجوني : قال أبو بكر : «لوددت أني شجرة في جنب عبد مؤمن » .

  وروى الطبراني - ورجاله رجال الصحيح - عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث رجلا منكم قرنه برجل منا ، فنحن نرى أن يلي هذا الأمر رجلان ، رجل منكم ، ورجل منا ، فقام زيد بن ثابت فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان من المهاجرين ، وكنا أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنحن أنصار من يقوم مقامه ، فقال : أبو بكر الصديق : جزاكم الله خيرا من حي ، يا معشر الأنصار ، وثبت قائلكم والله لو قلتم غير ذلك ما صالحناكم .

  وروى الطبراني عن عيسى بن عطية ، قال : قام أبو بكر الصديق حين بويع ، فخطب الناس [ ص: 259 ] فقال : أيها الناس إني قد أقلتكم رأيكم ، إني لست بخيركم فبايعوا خيركم ، فقاموا إليه فقالوا : يا خليفة رسول الله ، أنت والله خير منا ، فقال : يا أيها الناس ، إن الناس دخلوا في الإسلام طوعا وكرها فهم عواد الله وجيران الله فإن استطعتم أن لا يطلبنكم الله بشيء من ذمته فافعلوا إن لي شيطانا يحضرني فإذا رأيتموني فأجيبوني لا أمثل بأشعاركم وأنشادكم ، يا أيها الناس ، تفقدوا ضرائب علمائكم ، إنه لا ينبغي للحم نبت من سحت أن يدخل الجنة إلا وراعوني بأنصاركم ، فإن استقمت فاتبعوني [وإن زغت فقوموني وإن أطعت الله فأطيعوني وإن عصيت الله فأعصوني ] .

  وروى الإمام أحمد عن قيس بن أبي حازم رحمه الله تعالى قال : إني لجالس عند أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشهر فذكر قصة فنودي في الناس : الصلاة جامعة ، (وهي أول صلاة في المسلمين نودي بها أن الصلاة جامعة ) فاجتمع الناس وصعد المنبر شيئا صنع له كان يخطب عليه وهي أول خطبة في الإسلام ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أيها الناس ، لوددت أن هذا كفايته غيري ، ولئن أخذتموني سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ما أطيقها ، إنه كان لمعصوما من الشيطان ، وإن كان لينزل عليه الوحي من السماء .

  وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن ابن أبي مليكة ، وابن أبي مليكة يدرك أبا بكر الصديق ، قال : قيل لأبي بكر : يا خليفة الله ، قال : أنا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروى الإمام أحمد برجال الصحيح عن قيس بن أبي حازم - رحمه الله تعالى - قال : رأيت عمرا وبيده عسيب وهو يقول : اسمعوا وأطيعوا لخليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء مولى لأبي بكر يقال له شديد بصحيفة ، فقرأها على الناس ، فقال : يقول أبو بكر : اسمعوا ، وأطيعوا لمن في هذه الصحيفة فوالله ما ألوتكم قال قيس : فرأيت عمر بعد ذلك على المنبر .

  وروى الترمذي وقال : حسن غريب عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يا أبا بكر ، قل اللهم ، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ، لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم » .

  وروى الطبراني في الكبير عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أن رسول [ ص: 260 ] الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «يا أبا بكر ، إني رأيتني البارحة على قليب أنزع فجئت أنت ففزعت وأنت ضعيف ، والله يغفر لك ، ثم جاء عمر ، فاستحالت غربا وضرب الناس بعطن » .

  وروى ابن مردويه عن أنس - رضي الله تعالى عنه - وتعقب عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بكر ، أعطاك الله الرضوان الأكبر ، قال : وما الرضوان الأكبر ؟ قال : «إن الله يتجلى للخلق عامة ويتجلى لك خاصة » .

  وروى أبو الشيخ وأبو نعيم عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا أبا بكر ، ألا تحب قوما بلغهم أنك تحبني فأحبوك بحبك إياهم فأحبهم ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية