سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب العاشر     في بعض فضائل أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي

  يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد المطلب الجد الأدنى ، فهو أقرب العشرة نسبا وينسب إلى هاشم ، فيقال : القرشي الهاشمي ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبويه .

  الأول : كنيته أبو الحسن ، وكناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا تراب ، وكانت أحب ما ينادى به إليه ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف . قال أبو عمر : هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وتوفيت بالمدينة ، وشهدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتولى دفنها وأشعرها قميصه واضطجع في قبرها .

  روى الطبراني في الكبير والأوسط برجال الصحيح غير روح بن صلاح - وثقه ابن حبان وفيه ضعف عن أنس بن مالك والطبراني في الأوسط برجال ثقات غير سعدان بن الوليد فيحرر رجاله عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قالا : لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهما - دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس عند رأسها ، فقال : يرحمك الله يا أمي ، كنت أمي بعد أمي ، تجوعين وتشبعيني وتعرين وتكسيني ، وتمنعين نفسك طيبا ، وتطعميني ، تريدين بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة ، ثم أمر أن تغسل ثلاثا ثلاثا ، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده ، ثم خلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه فألبسها إياه وكفنها ببرد فوقه ، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد ، وأبا أيوب الأنصاري ، وعمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهم - ، وغلاما أسود يحفرون فحفروا قبرها فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وأخرج ترابه ، فلما فرغ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبرها فاضطجع فيه ، ثم قال : الله الذي يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين ، وكبر عليها أربعا ، وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - : فلما سوى عليها التراب ، قال بعضهم : يا رسول الله ، رأيناك صنعت شيئا لم تصنعه بأحد فقال : إني ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة واضطجعت في قبرها لأخفف عنها من ضغطة القبر ، إنها كانت أحسن خلق الله إلي صنيعا بعد أبي طالب . ولد وأبوه غائب فسمته أمه حيدرة الأسد الشجاع ، فلما قدم أبوه كره هذا الاسم ، وسماه عليا ، وكان ضخم البطن شاسع المنكب ، ضخم الذراعين مستدقهما ضخم عضد الساق ، فوق الربعة ، ضخم المنكبين ، طويل اللحية عظيمها .

[ ص: 288 ] قد ملأت صدره ، أبيض الرأس واللحية ، إن عينته من قريب قلت : أسمر ، أصلع ، شديد الصلع ، بويع له بالخلافة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قتل عثمان - رضي الله تعالى عنهما - بخمسة أيام ، ولم يقبلها حتى تكرر قولهم له مرارا يوم السبت التاسع عشر ، وقيل : يوم الخميس الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ، وقيل : أول من بايعه طلحة بيده اليمنى ، وكانت شلاء من يوم أحد حيث رمى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكث فيها خمس سنين وقيل إلا شهرا .

 

التالي السابق


الخدمات العلمية