سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس عشر في إرساله- صلى الله عليه وسلم- شجاع بن وهب - رضي الله تعالى عنه- إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء

قاله ابن إسحاق والواقدي .

قال في زاد المعاد : وقيل إنما توجه لجبلة بن الأيهم : هو ابن وهب شجاع بن ربيعة بن أسد الأسدي .

قال في زاد المعاد : وقيل : توجه لهما معا ، وقيل : لهرقل مع دحية بن خليفة والله أعلم .

أسلم قديما ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وعاد إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وشهد بدرا والمشاهد كلها ، استشهد باليمامة وهو ابن بضع وأربعين سنة بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر ذكره الواقدي وابن إسحاق وابن حزم ، وقال ابن هشام . توجه لجبلة بن الأيهم ، وقال أبو عمر لهما معا

قال محمد بن عمر الأسلمي : قال الواقدي وابن إسحاق وغيرهما إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث شجاع بن وهب إلى الحارث بن [ ص: 359 ]

أبي شمر
، وكتب معه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر ، سلام على من اتبع الهدى وآمن به ، وصدقه ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبق لك ملكك ،

وختم الكتاب ، وخرج به ، قال شجاع : فأتيته به وهو بغوطة دمشق مشغول بتهيئة الأموال والألطاف لقيصر ، وقد جاء من حمص إلى إيلياء ، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، فقلت لحاجبه : إني رسول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى صاحبك ، فقال : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا كذا ، وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مري يسألني عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول : إني قد قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي فأنا أومن به وأصدقه ، وأخاف من الحارث أن يقتلني . وكان الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه الحاجب ويقول : هو يخاف قيصر فخرج الحارث يوما وجلس للناس ، ووضع التاج على رأسه ، فأذن لي ، فدخلت عليه ، ودفعت إليه الكتاب فقرأه ، ثم رمى به ، وقال : من ينتزع مني ملكي! أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن جئته ، علي بالناس ، فلم يزل يفرض حتى قام ، ثم أمر بالخيل أن تنعل ، وقال : أخبر صاحبك ما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم عليه ، فكتب إليه قيصر ألا تسير إليه واله عنه ، ووافني بإيلياء ، فلما جاءه جواب كتابه دعاني ، فقال : متى تريد أن تخرج لصاحبك ؟

فقلت : غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ، ووصلني مري ، وأمر لي بكسوة ونفقة ،

وقال : أقرئ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مني السلام- وأخبره أني متبع دينه قال شجاع : فقدمت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال : «باد ملكه» وأقرأته من مري السلام ، وأخبرته بما قال ، فقال :

صدق ،

ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح
.

التالي السابق


الخدمات العلمية