جماع أبواب ذكر دوابه ونعمه وغير ذلك مما يذكر 
باب يذكر فيه 
خيله وبغاله وحمره- صلى الله عليه وسلم- 
كان له صلى الله عليه وسلم سبعة أفراس . وكان له بغال ست وكان له من الحمر اثنان . وكان له من الإبل المعدة للركوب ثلاثة . 
فأما أفراسه صلى الله عليه وسلم ، ففرسه يقال له السكب : شبه بسكب الماء وانصبابه ، لشدة جريه ، وهو أول فرس ملكه صلى الله عليه وسلم ، اشتراه من أعرابي بعشرة أواق ، وكان اسمه عند الأعرابي الضرس : 
أي بفتح الضاد وكسر الراء وبالسين المهملة : الصعب السيء الخلق ، وكان أغر : أي له غرة ، وهي بياض في وجهه ، محجلا طلق اليمين ، كميتا : أي بين السواد والحمرة . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير   : 
كان أسود أدهم ، وفرس يقال له المرتجز : أي سمي به لحسن صهيله ، مأخوذ من الرجز الذي هو ضرب من الشعر ، وكان أبيض ، وهو الذي شهد له فيه 
خزيمة  بأنه صلى الله عليه وسلم اشتراه من صاحبه بعد أنكر بيعه له ، 
وقال له : ائت بمن يشهد لك ، فجعل شهادة 
خزيمة  بشهادتين ، بعد أن قال له صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=890679كيف شهدت ولم تحضر ؟ فقال : لتصديقي إياك يا رسول الله ، وإن قولك كالمعاينة فقال له صلى الله عليه وسلم : أنت ذو الشهادتين ، فسمي ذا الشهادتين ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : «من شهد له ، خزيمة  أو شهد عليه فهو حسيبه» لكن 
جاء أنه صلى الله عليه وسلم رد الفرس على الأعرابي وقال : «لا بارك الله لك فيها» فأصبحت من الغد شائلة برجلها  . 
وفرس يقال له اللحيف بالحاء المهملة واللام المضمومة فعيل بمعنى فاعل ، لأنه كان يلحف الأرض بذنبه لطوله : أي يغطيها . وقيل لأنه كان يلتحف معرفته . وقيل : هو بضم اللام مصغرا ، وقيل : بالخاء المعجمة مع فتح اللام وهو الأكثر . وهذا الفرس أهداه له صلى الله عليه وسلم 
فروة بن عمرو  من أرض 
البلقاء  بالشام   . وفرس يقال له اللزاز ، أي أهداه له 
المقوقس  كما تقدم ، مأخوذ من قولهم : لاززته : أي لاصقته ، فكان يلحق بالمطلوب لسرعته ، وقيل غير ذلك . وفرس يقال له الطرف أي بكسر الطاء المهملة وسكون الراء وبالفاء : الكريم الجيد من الخيل . 
وفرس يقال له الورد ، وهو بين الكميت والأشقر ، أهداه له صلى الله عليه وسلم  nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري  رضي الله تعالى عنه ، وأهداه صلى الله عليه وسلم  nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر  رضي الله تعالى عنه  . وفرس يقال له سبحة : أي بفتح السين وإسكان الموحدة وفتح الحاء المهملة : أي سريع الجري ، هذا هو المشهور . وعد بعضهم في خيله صلى الله عليه وسلم غير ذلك ، فأوصل جملتها إلى خمسة عشر بل إلى العشرين . وقد ذكر 
الحافظ الدمياطي  أسماء الخمسة عشر في سيرته وقال فيها : وقد ذكرناها وشرحناها في كتابنا : كتاب الخيل .  
[ ص: 419 ] 
وكان سرجه صلى الله عليه وسلم دفتين من ليف . قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=670141لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل  . 
وجاء 
nindex.php?page=hadith&LINKID=14174أنه صلى الله عليه وسلم مسح وجه فرسه ومنخريه وعينيه بكم قميصه فقيل له : يا رسول الله تمسح بكم قميصك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : إن جبريل  عليه السلام عاتبني في الخيل» . وفي رواية : «في الفرس» أي في امتهانها . وفي رواية : «في سياستها» وقال : «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها فخذوا بنواصيها ، وادعوا بالبركة» 
اهـ . 
أي وقد ذكر 
nindex.php?page=hadith&LINKID=908019«أنه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك  قام إلى فرسه الطرف فعلق عليه شعيره ، وجعل صلى الله عليه وسلم يمسح ظهره بردائه ، فقيل له : يا رسول الله تمسح ظهره بردائك ؟ فقال : «نعم ، وما يدريك لعل جبريل  عليه الصلاة والسلام أمرني بذلك» ؟  . 
وعن بعضهم قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=908019دخلت على  nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري  رضي الله تعالى عنه وهو أمير بيت المقدس  ، فوجدته ينقي لفرسه شعيرا ، فقلت : أيها الأمير ما كان لهذا غيرك ؟ فقال : 
إني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم يقول : «من نقى لفرسه شعيرا ثم جاء به حتى يعلقه عليه كتب الله له بكل شعيرة حسنة» nindex.php?page=hadith&LINKID=674135وكان صلى الله عليه وسلم يضمر الخيل للسباق ، فيأمر بإضمارها بالحشيش اليابس شيئا بعد شيء ، ويأمر بسقيها غدوة وعشيا ، ويأمر أن يقودها كل يوم مرتين ، ويؤخذ منها من الجري الشوط والشوطان  . 
وأما بغاله صلى الله عليه وسلم ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=910311فبغلة شهباء يقال لها دلدل ، أهداها له المقوقس  كما تقدم . والدلدل في الأصل : القنفذ ، وقيل : ذكر القنافذ ، وقيل : عظيمها ، وهذه أول بغلة ركبت في الإسلام . وفي لفظ : رئيت في الإسلام ، وكان صلى الله عليه وسلم يركبها في المدينة  وفي الأسفار . وعاشت حتى ذهبت أسنانها ، فكان يدق لها الشعير ، وعميت . وقاتل عليها  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  كرم الله وجهه الخوارج  بعد أن ركبها  nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان  رضي الله تعالى عنه ، وركبها بعد  nindex.php?page=showalam&ids=8علي  ابنه الحسن  ثم  nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين  رضي الله تعالى عنهما ، ثم محمد ابن الحنفية  رحمه الله  . 
وسئل 
 nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح  رحمه الله : هل كانت أنثى أو ذكرا والتاء للوحدة ، فأجاب بالأول . 
قال بعضهم : وإجماع أهل الحديث على أنها كانت ذكرا ، ورماها رجل بسهم فقتلها . 
وعن  nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  رضي الله تعالى عنهما : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى زوجته  nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة  ، فأتيته بصوف وليف ، ثم فتلت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم لدلدل رسنا وعذارا ، ثم دخل البيت فأخرج عباءة فثناها ثم ربعها على ظهرها ، ثم سمى وركب ، ثم أردفني خلفه»  . وبغلة يقال لها فضة ، أهداها له عمرو بن عمرو الجذامي كما تقدم . ووهبها صلى الله عليه وسلم 
 nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر  رضي الله تعالى عنه ، أي وأوصلها بعضهم إلى سبعة .  
[ ص: 420 ] 
وفي [مزيل الخفاء] وفي [سيرة مغلطاي] : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=74892كان له صلى الله عليه وسلم من البغال دلدل وفضة ، والتي أهداها له ابن العلماء   : أي بفتح العين المهملة وإسكان اللام وبالمد في غزوة تبوك  ، والأيلية : 
وبغلة أهداها له 
كسرى  ، وأخرى من 
دومة الجندل  ، وأخرى من عند 
 nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي  هذا كلامه . 
 nindex.php?page=showalam&ids=27وعقبة بن عامر  رضي الله تعالى عنه كان صاحب بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقود به في الأسفار ، وتوفي 
بمصر  ودفن بقرافتها ، وقبره معروف بها ، وكان واليها من قبل 
 nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية  بعد 
عتبة ابن أبي سفيان  ، ثم صرف عنها 
بمسلمة بن مخلد   . 
وعن  nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر  رضي الله تعالى عنه قال : قدت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته مدة من الليل ، فقال : أنخ ، فأنخت فنزل عن راحلته ، ثم قال : اركب فقلت : سبحان الله أعلى مركبك يا رسول الله وعلى راحلتك ؟ فأمرني ، فقال : اركب ، فقلت له مثل ذلك ، ورددت ذلك مرارا حتى خفت أن أعصي رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت راحلته  . ذكره في الإمتاع . 
وأما حمره صلى الله عليه وسلم ، فحمار يقال له يعفور . وحمار يقال له عفير بالعين المهملة ، وقيل : 
بالمعجمة وغلط قائله وكان أشهب ، ومات في حجة الوداع . والأول أهداه له 
فروة بن عمرو الجذامي  ، وقيل : 
المقوقس   . والثاني أهداه له 
المقوقس  ، وقيل : 
فروة بن عمرو  كذا في سيرة 
الحافظ الدمياطي  رحمه الله ، والعفرة هي الغبرة ، أي وأوصل بعضهم حمره صلى الله عليه وسلم إلى أربعة . 
وتقدم 
أن يعفورا وجده صلى الله عليه وسلم في خيبر  ، وأنه يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم طرح نفسه في بئر جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات ، وتقدمت قصته وما فيها . 
وأما إبله صلى الله عليه وسلم التي كان يركبها . فناقة يقال لها القصواء . وناقة يقال لها الجدعاء ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=76507وناقة يقال لها العضباء ، وهي التي كانت لا تسبق فسبقت ، فشق ذلك على المسلمين ، 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه»  . 
وفي رواية : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=76507«إن الناس لم يرفعوا شيئا من الدنيا إلا وضعه الله عز وجل» 
ويقال إن هذه العضباء لم تأكل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تشرب حتى ماتت ، وقيل إن التي كانت لا تسبق ثم سبقت هي القصواء ، وكانت العضباء يسبق بها صاحبها الذي كانت عنده الحاج ، ومن ثم قيل لها : سابقة الحاج . وقيل إن هذه الثلاث اسم لناقة واحدة وهو المفهوم من الأصل ، وهو موافق في ذلك
لابن الجوزي  رحمه الله حيث قال إن القصواء هي العضباء وهي الجدعاء . 
وقيل : القصواء واحدة والعضباء والجدعاء واحدة . وفي كلام بعضهم : وأما البقر فلم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم ملك شيئا منها : أي للقنية فلا ينافي 
nindex.php?page=hadith&LINKID=67681أنه صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر  . 
وأما غنمه صلى الله عليه وسلم ، فقيل مائة ، وقيل سبعة أعنز كانت ترعاها 
 nindex.php?page=showalam&ids=11406أم أيمن  رضي الله تعالى عنها ، 
وجاء 
nindex.php?page=hadith&LINKID=706958«اتخذوا الغنم فإنها بركة» 
وكان له صلى الله عليه وسلم شياه يختص بشرب لبنها ، 
nindex.php?page=hadith&LINKID=63115وماتت له صلى الله عليه وسلم شاة .  [ ص: 421 ] 
فقال : ما فعلتم بإهابها ؟ قالوا : إنها ميتة ، قال : دباغها طهورها  . 
واقتنى صلى الله عليه وسلم الديك الأبيض ، وكان يبيت معه في البيت وقال : «الديك الأبيض صديقي وصديق صديقي وعدو عدوي ، والله يحرس دار صاحبه وعشرا عن يمينها ، وعشرا عن يسارها ، وعشرا من بين يديها ، وعشرا من خلفها» 
وقد جاء 
nindex.php?page=hadith&LINKID=907615«اتخذوا الديك الأبيض فإن دارا فيها ديك أبيض لا يقربها شيطان ولا ساحر ولا الدويرات حولها ، واتخذوا هذا الحمام المقاصيص في بيوتكم فإنها تلهي الجن عن صبيانكم»  . 
وفي العرائس : 
«إن آدم  قال : يا رب شغلت بطلب الرزق لا أعرف ساعات التسبيح من أيام الدنيا فأهبط الله ديكا وأسمعه أصوات الملائكة بالتسبيح ، فهو أول داجن اتخذه آدم  عليه السلام من الخلق ، فكان الديك إذا سمع التسبيح ممن في السماء سبح في الأرض ، فيسبح آدم  بتسبيحه»  . 
وأما دوابه صلى الله عليه وسلم من البغال والحمير والإبل 
عن 
محمد بن إبراهيم التيمي  عن أبيه قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=910311كانت دلدل بغلة النبي صلى الله عليه وسلم أول بغلة ركبت في الإسلام أهداها المقوقس  ، وأهدى معها حمارا يقال له عفير . وكانت قد بقيت حتى كان زمان  nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية   . 
عن 
محمد بن إسحاق  ، عن رجل قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=67874رأيت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزل عبد الله بن جعفر  يجش أو يدق لها الشعير ، وقد ذهبت أسنانها  . 
وعن 
زامل بن عمرو  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=74894أهدى فروة بن عمرو الجذامي  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة يقال لها فضة ، فوهبها  nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر الصديق  ، وحماره يعفور نفق منصرفه من حجة الوداع  . قال : وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=910311دلدل أهداها فروة بن عمرو الجذامي  ، وحضر رسول الله- صلى الله عليه وسلم عليها القتال يوم حنين   . 
قال 
محمد بن عمر   : وأخبرنا أصحابنا جميعا قالوا : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=17289كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء من نعم بن قشير   . 
قال 
محمد بن عمر   : وحدثني 
موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=17289كانت من نعم بني قشير  ابتاعها  nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق  ، وأخرى معها بثمانمائة درهم ، فأخذها رسول الله- صلى الله عليه وسلم ، وهي التي هاجر عليها ، وكانت حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم رباعية ، فلم تزل عنده حتى نفقت ، وكان اسمها القصواء والجدعاء ، والعضباء كل هذا كان يقال لها ، القصواء قطع في أذنها يسير ، والعضباء مثلها ، والجدعاء النصف من الأذن .  [ ص: 422 ] 
وقال قتادة : سألت سعيد بن المسيب عن العضب في الأذن ؟ قال : النصف فما فوقه  . 
وعن 
 nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك  قال : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=76507كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق ، فجاء أعرابي على ناقة فسابقها فسبقها فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
إن من قدرة الله عز وجل أن لا يرفع شيء إلا وضعه  .  
[ ص: 423 ]