سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثالث : في وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه- صلى الله عليه وسلم-

قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [آل عمران 31] وقال : فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [الأعراف 158] وقال عز وجل : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما [النساء 65] وقال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [آل عمران 31] . [ ص: 426 ]

روى الآجري عن العرباض بن سارية - رضي الله تعالى عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» رواه مسلم بمعناه ، وزاد «وكل ضلالة في النار» .

وروى الشافعي في الأم ، وأبو داود والترمذي وابن ماجه «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» .

وروى الشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : صنع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شيئا يرخص فيه فتنزه عنه قوم ، فبلغه ذلك فحمد الله ثم قال : «ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ، فو الله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية» .

وروى أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي أنه- عليه الصلاة والسلام- قال «القرآن صعب مستصعب على من كرهه وهو الحكم لمن تمسك بحديثي وفهمه وحفظه جاء مع القرآن ومن تهاون بالقرآن وحديثي فقد خسر الدنيا والآخرة ، أمرت أمتي أن يأخذوا بقولي وأن يطيعوا أمري ويتبعوا سنتي فمن رضي بقولي فقد رضي بالقرآن»

قال تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [الحشر 7]
.

وروى عبد الرزاق في مصنفه مرسلا عن الحسن «من اقتدى بي فهو مني ، ومن رغب عن سنتي فليس مني» .

وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : «المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر مائة شهيد» .

وروى الأصبهاني في ترغيبه اللالكائي في السنة عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال :

قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «من أحيا سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة» .

وروى الترمذي ، وحسنه ، وابن ماجه عن عمرو بن عوف المزني قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لبلال بن الحارث «من أحيا سنة من سنني قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل أجور من عمل بها من غير أن ينقص ذلك من أجورهم شيئا» .

وروى النسائي وابن ماجه عن رجل قال لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ، ولا نجد صلاة السفر ، فقال ابن عمر : يا ابن أخي ، أي في الإسلام- إن الله تعالى بعث إلينا محمدا ، ولا نعلم شيئا ، وقد رأيناه يقصر في السفر فقصرنا معه ، اقتداء به- صلى الله عليه وسلم- وذكر اللالكائي في السنة قال عمر بن عبد العزيز : سن [ ص: 427 ]

رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها تصديق بكتاب الله واستعمال بطاعة الله ، وقوة على دين الله ، ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ، ولا النظر في رأي من خالفها ، من اقتدى بها فهو مهتد ومن انتصر بها فهو منصور ، ومن خالفها واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا
، وذكر فيها أيضا عن ابن شهاب الزهري أنه قال : بلغنا عن رجال من أهل العلم ، قالوا : الاعتصام بالسنة نجاة .

وروى مسلم حين صلى عمر - رضي الله تعالى عنه- بذي الحليفة ركعتين فقال :

أصنع كما رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصنع
.

وروى البخاري والنسائي ، عن علي - رضي الله تعالى عنه- حين قرن فقال له عثمان :

ترى أني أنهى الناس عنه وتفعله ، قال : لم أكن أدع سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لقول أحد من الناس
.

وروى الدارمي والطبراني واللالكائي في سننه ، عن ابن مسعود وأبي الدرداء - رضي الله تعالى عنهما- : القصد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة .

وروى عبد بن حميد في مسنده بسند صحيح عن ابن عمر قال : صلاة السفر ركعتان من خالف السنة كفر .

وروى الأصبهاني في ترغيبه واللالكائي في «السنة» عن أبي بن كعب - رضي الله تعالى عنه- أنه قال : وعليكم بالسبيل والسنة ، فإنه ما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ، ذكر الله تعالى في نفسه ففاضت عيناه من خشيته تعالى فيعذبه الله تعالى أبدا ، وما على الأرض من عبد على السبيل والسنة ذكر ربه في نفسه فاقشعر من خشية الله تعالى إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها ، فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحات ورقها إلا حط عنه خطاياه كما تحات عن الشجرة ورقها ، فإن اقتصادا في سبيل الله وسنته خير من اجتهاد في خلاف سبيل الله تعالى وسنته ، وانظروا عملكم إن كان اجتهادا واقتصادا أن يكون على منهاج الأنبياء وسنتهم .

وروى الشيخان أن عمر - رضي الله تعالى عنه- نظر إلى الحجر الأسود وقال : إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك .

وروى الإمام أحمد والبزار - بسند صحيح- أن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما- رئي يدير ناقته في مكان ، فسئل عن إدارتها ، لأي شيء ؟ فقال : لا أدري إلا أني رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يفعله ففعلته ، وقال أبو عثمان الحيري - بموحدة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة- ، قرأ شيخ الصوفية بنيسابور : من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ، ومن [ ص: 428 ]

أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة ، وقال سهل بن عبد الله التستري : أصول مذهبنا : أي :

الصوفية عنى الله تعالى بقولهم : ثلاثة الاقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- في الأقوال والأفعال ، والأكل من الحلال وإخلاص النية في جميع الأعمال . وجاء في تفسير قوله تعالى والعمل الصالح يرفعه [فاطر 10] إنه الاقتداء به- صلى الله عليه وسلم- وقال محمد بن علي الترمذي في تفسير قوله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [الأحزاب 21] الأسوة : في الرسول الاقتداء به والاتباع لسنته ، وترك مخالفته في قول أو فعل . وقال سهل بن عبد الله التستري في تفسير قوله تعالى صراط الذين أنعمت عليهم [الفاتحة 7] قال : بمتابعة سنته- صلى الله عليه وسلم- .

التالي السابق


الخدمات العلمية