سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الحادي عشر : في عصمتهم

قال القاضي- رحمه الله تعالى- : اتفق أئمة المسلمين أن حكم المرسلين من الملائكة حكم النبيين ، سواء في العصمة مما ذكرنا عصمتهم منه ، وأنهم في حقوق الأنبياء والتبليغ إليهم كالأنبياء مع الأمم ، واختلفوا في غير المرسلين منهم ، فذهبت طائفة إلى عصمة جميعهم عن المعاصي ، واحتجوا بقوله تعالى لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [التحريم 6] .

قال الإمام الرازي - رحمه الله تعالى- هذه الآية تتناول جميع الملائكة في فعل جميع المأمورات وترك جميع المنهيات ، لأن كل ما أمر بفعله فقد نهي عن ضده ، والدليل على العموم صحة الاستثناء وبقوله تعالى يسبحون الليل والنهار لا يفترون [الأنبياء 20] ومن هذه صفته لا يتصور منه صدور الذنب ، إذ لو صدر منه الذنب لفتر عن التسبيح ، وللمنع في هذا الوجه والذي قبله مجال واضح لقوله تعالى بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [الأنبياء 27] وهذا يقتضي توقفهم في كل الأمور على أمر الله تعالى ، ومن كان كذلك لم يصدر منه الذنب ، وقرره الآمدي بأن قال المعصية إما بمخالفة الأمر والنهي ، لا جائز أن يقع مخالفة الأمر ، إذ هو خلاف الآية ، ولا جائز أن يقع لمخالفة النهي ، لأن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده ، ومخالفة النهي إنما تكون بارتكاب المنهي عنه وارتكاب المنهي يقتضي عدم التلبس ، وهذا بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده ، وهي مسألة مشهورة .

واحتج الإمام مع من ذكر بوجهين آخرين :

أحدهما : أنهم طعنوا في البشر بالعصمة ، فلو كانوا عصاة لما حسن منهم هذا الطعن ، ولا يخفى ما فيه . [ ص: 493 ]

الثاني : أنهم رسل الله تعالى بقوله تعالى جاعل الملائكة رسلا [فاطر 1] والرسول معصوم لقوله تعالى الله أعلم حيث يجعل رسالته وهو بناء على أن الكل رسل ، وقد تقدم الكلام فيه ، وعلى أن قوله تعالى الله أعلم حيث يجعل رسالته من أدلة العصمة غير الأنبياء ولمانع أن يمنع ذلك .

قال القاضي - رحمه الله تعالى- : وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين . واحتجوا بأشياء ذكرها أهل الأخبار والتفاسير نحن نذكرها إن شاء الله تعالى بعد ، ونبين الوجه فيها إن شاء الله تعالى ، والصواب عصمة جميعهم وتنزيه جانبهم الرفيع عن جميع ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم ، واحتج من لم يوجب عصمة الملائكة جميعهم بأمور .

أحدهما : قصة هاروت وماروت ، وهي قصة مشهورة ، وخلاصتها أن هاروت وماروت كانا ملكين ، وعجبا من عصيان بني آدم ، وقالا : لو ركبت فينا شهوة بني آدم لما عصينا ، فأنزلهما الله تعالى إلى الأرض ، وركب فيهما الشهوة وقيض الله لهما الزهرة - وكانت من أجمل نساء وقتها- وأعجبتهما ، وحملتهما على السجود للصنم وقتل النفس وشرب الخمر ، وتعلمت منهما الاسم الأعظم وصعدت به إلى السماء ، فمسخت إما كوكبا ، وإما سحابا ، وإنهما استشفعا بإدريس ، فخيرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ، فلبسا الحديد ومكثا في بيوتهما ببابل ، بينهما وبين الماء أربعة أصابع ، ويوجد في هذه القصة زيادة ونقصان واختلاف كثير .

قال الشيخ كمال الدين : وأئمة النقل لم يصححوا هذه القصة ، ولا أثبتوا روايتها عن علي وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال القاضي رحمه الله تعالى : إن هذه الأخبار لم يرو منها شيء لا صحيح ولا سقيم عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ، قال وهذه الأخبار من كتب اليهود وافترائهم .

فإن قيل : ففي كتاب الله تعالى وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه [البقرة : 102] .

قلت : للناس في ذلك أقوال كثيرة ، والمحققون ذهبوا في معناها إلى غير ما ذكر أولا في قصة هاروت وماروت ، وقالوا في الآية قراءتان في (ملكين ) إحداهما بكسر اللام وهي شاذة ، والمشهورة بفتح اللام ، ولكن ذكروا في تأويل ذلك أن الله تعالى كان قد امتحن الناس بالملكين ، فإن السحر كان قد ظهر ، وظهر قول أهله ، فأنزل الله تعالى ملكين يعلمان الناس [ ص: 494 ]

حقيقة السحر ، ويوضحان أمره ليعلم الناس ذلك ، ويميزوا بينه وبين المعجزة والكرامة ، فمن جاء يطلب ذلك منهما ابتدراه وعلماه ، إنا إنما أنزلنا فتنة لتعليم السحر ، فمن تعلمه ليجتنبه ويعلم الفرق بينه وبين المعجزات والكرامات وما يظهره الله تعالى على أيدي عباده المؤمنين فذلك هو المرضي ، ومن تعلمه لغير ذلك أدى به إلى الكفر ، فلهذا كان الملكان يقدمان للملكين هذه المقالة ، ثم يقولان له : إن فعل الساحر كذا فرق بين المرء وزوجه ، فلا تتحيل بهذه الحيلة ولا تقل هذا القول ، فإنه من قول السحرة ويودي إلى الكفر ، ثم على هذا يكون فعل الملكين طاعة لأمر الله تعالى ، ومن الناس من ذكر وجها آخر ، وهو أن الله تعالى لما بين أن الكفار واليهود ادعوا على سليمان أنه ساحر ، وقالوا : إن الجن دفنت كتب السحر تحت مصلاه ، ثم أظهرتها بعد موته ليقول الناس كان ساحرا ، وأن سليمان قد جمع كتب السحر ودفنها لتضيع على الناس ، وأخرجها الجن واليهود بعد موته وصارت في أيديهم وفشا السحر فيما بينهم ، ولهذا كثر ما يؤخذ من السحر عند اليهود ، وكان اليهود يعزون ذلك إلى سليمان ، فقال تعالى وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ثم إن اليهود ادعت بعد ذلك أن السحر الذي في أيديهم من ميراث سليمان ، وأن جبريل وميكائيل نزلا به ، فأكذبهم الله تعالى في الأمرين ، فقال : وما أنزل على الملكين فتكون ما نافية على هذا القول عطفا على قوله تعالى وما كفر سليمان ويكون قوله (ببابل ) متعلقا بقوله يعلمون الناس السحر وعلى هذا فقيل : هاروت وماروت رجلان تعلما السحر .

وروى الحسن أنه قال : هاروت وماروت علجان من أهل بابل ، وما أنزل على الملكين بكسر اللام ، لكن ما على هذه القراءة اسمية ، ويكون الإنزال من الشياطين ، ويجوز أن تكون نافية وقرأ كذلك عبد الرحمن بن أبزى وفسر الملكين بداود وسليمان ، ولا تكون ما على هذا القول إلا نافية .

وقال الإمام الرازي : ويدل على بطلان هذه القصة التي تروى في حديث هاروت وماروت أنهم ذكروا فيها أن الله تعالى قال لهما : لو ابتليتما مما ابتلي بنو آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت ذلك يا رب ما عصيناك وهذا لا يجوز نسبته إلى ملكين ، فإنه رد على الله تعالى ، ويدل على بطلانها أيضا أن التخيير وقع بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، والله تعالى خير العصاة بل الكفار بين التوبة والعذاب ، ولذلك رووا أنهما يعلمان الناس السحر حال كونهما معذبين ، وهذا من أعجب العجب ثم إنهم يروون أن المرأة التي فجرت صعدت إلى السماء ومسخت كوكبا مضيئا من السبعة السيارة ، وهذا مخالف للإقسام بالخنس الجوار الكنس . [ ص: 495 ]

قال الشيخ في الحبائك : وقال الصفوي الأموي في رسالته بعد أن ذكر عصمتهم واستدل عليها واحتج المخالف بقصة هاروت وماروت ، وبقصة إبليس مع آدم ، وباعتراضهم على الله تعالى في خلق آدم بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها وجوابه على سبيل الإجمال : أن جميع ما ذكرتم محتمل احتمالا بعيدا أو قريبا ، وعلى التقديرين لا يعارض ما دل على عصمتهم زمن الصرائح والظواهر ، قال الشيخ : وهذا الجواب في قصة هاروت وماروت أعقد من الجواب الذي قبله لما تقدم عند ذكرهما من الأحاديث الصحيحة .

وقال القرافي من أئمة المالكية : ومن اعتقد في هاروت وماروت إنما يعذبان بأرض الهند على خطيئتهما مع الزهرة فهو كافر ، بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم وتنزيههم عن كل ما يخل بعظيم قدرهم ، ومن لم يفعل ذلك وجب إراقة دمه .

وقال البلقيني في منهج الأصلين : العصمة واجبة لصفة النبوة والملائكة ، وجائزة لغيرهما ، ومن وجبت له العصمة فلا يقع منه كبيرة ولا صغيرة ، ولذلك نعتقد عصمة الملائكة المرسلين منهم وغير المرسلين ، [قال الله تعالى : لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون والآيات في هذا المعنى كثيرة] وإبليس لم يكن من الملائكة ، وإنما كان من الجن ففسق عن أمر ربه ، وأما هاروت وماروت [فلا يصح فيهما خبر ، وفي كتاب الجامع من المحلى لابن حزم أن هاروت وماروت ] من الجن ، وليسا ملكين .

قال الشيخ : قلت : فإن صح هذا لم يحتج إلى الجواب عن قصتهما ، كما أن إبليس لم يكن من الملائكة ، وإنما كان بينهم وهو من الجن .

وقال الإمام أبو منصور الماتريدي إمام الحنفية في الاعتقاديات : كما أن الشيخ أبا الحسن الأشعري إمام الشافعية في ذلك ما نصه : «ثم إن الملائكة كلهم معصومون ، خلقوا للطاعة إلا هاروت وماروت » . وقال القرافي : اعلم أنه يجب على كل مكلف تعظيم الأنبياء بأسرهم ، وكذلك الملائكة ومن نال من أعراضهم شيئا فقد كفر ، سواء كان بالتعريض أو بالتصريح ، فمن قال في رجل يراه شديد البطش هذا أقسى قلبا من مالك خازن النار ، وقال في رجل يراه مشوه الخلق هذا أوحش من منكر ونكير ، فهو كافر ، إذ قال ذلك في معرض النقص بالوحاشة والقساوة .

الثاني : من الأدلة التي استدل بها من قال بعدم عصمتهم في قصة آدم وأمرهم بالسجود له ما قالوا عند خلقه والاحتجاج بها من وجوه : [ ص: 496 ] أحدها : اعتراضهم بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها .

الثاني : غيبتهم لبني آدم بذلك .

والثالث : إعجابهم وافتخارهم على بني آدم بقولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .

والرابع : مخالفة إبليس في الأمر بالسجود مع أنه كان من الملائكة .

فهذه الوجوه الأربعة أشبه ما احتج به المخالف من هذه الآية ، وإن كان فيها وجوه أخر من الاحتجاج ، لكن أعرضنا عنها لضعفها ووضوح الجواب عنها ، والجواب عن هذه الوجوه .

أما الأول : وهو أنهم اعترضوا على الله تعالى ، فقد أجاب عنه أهل السنة بوجوه ثلاثة .

أحدها : أن هذا ليس على سبيل الاعتراض ، وإنما هو على سبيل التعلم لأمر الله تعالى ، ومعناه أنهم قالوا ذلك ليظهروا عظمة حكمة الله تعالى ، وأنه جعل في الأرض من هذه صنعته ، وهذا الذي ظهر من حاله بحكمه عليها ومصلحة قدرها هو أعلم بها ، فكأنهم قالوا : سبحانك ربنا وتعاليت ما أعظم شأنك وحكمتك ، فعلمك بخفايا الأمور حيث تجعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء ، وأنت أعلم بموضع المصلحة في ذلك ، ولهذا أجابهم بقوله إني أعلم ما لا تعلمون فإنه تقرير لهم على ما اعتقدوه من خفي حكمة الله تعالى وعلمه .

والثاني : أنهم لشدة محبتهم لله تعالى وحرصهم على الطاعة كرهوا المعصية ، فسألوا أعلامهم بما خفي من الحكمة في ذلك ، ليطمئنوا ويسكنوا إليه ، وهو قول الأخفش .

والثالث : وهو الذي اختاره القفال ، أن ذلك على سبيل الإثبات والإيجاب ، فهو استفهام تقرير وإيجاب ، وليس المراد به الاستعلام ولا الإنكار ، فكأنهم قالوا يفعل ذلك ، وهو كقول الشاعر :


ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح

أي : أنتم كذلك وقد قيل غير هذه الأجوبة لكن هذه أقواها .

فإن قيل : فكيف علم الملائكة أن بني آدم يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض وكيف أضافوا ذلك إلى جميعهم مع أنه مضاف إلى البعض .

قلنا : لعلهم كانوا قد اطلعوا على ذلك من اللوح المحفوظ ، وأن الله تعالى أعلمهم [ ص: 497 ] بذلك أو علموه من جهة أنهم رأوا خلقه مركبا على الغضب والشهوة ، ومن كان كذلك فالظاهر أنه يفسد ويسفك الدماء ، أو علموه لأنهم لما رأوا ما خلق للإنسان من العذاب في النار ، أو لتسمية الله تعالى آدم خليفة فإنه قيم بفصل الخصومات ، فعلموا أحواله من جهة خلافته ، وكل هذه الوجوه منقولة .

وأما إضافتهم ذلك إلى جميع بني آدم فليس في الكلام صريح إضافة إلى الجميع ، ولو صدر هذا من واحد صح أن يقال : جعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء ، لأن من تقع على الواحد والجمع .

والجواب عن هذا الوجه الثاني : وهو أن قولهم : إن هذه غيبة لبني آدم ، أن الغيبة قد تباح للمصلحة في مواضع ، منها نصيحة المسلم في عبد يشتريه ، أو زوجة يتزوجها ، أو ما ناسب ذلك ، لحديث فاطمة بنت قيس ، لما خطبها معاوية وأبو جهم ،

وقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لها : «أما معاوية فصعلوك ، وأما أبو جهم فلا يضع العصى عن عاتقه» ،

ومنها إعلامه بما يقال فيه ليتجنبه ، ومنها الإعلام بحال من لا يصلح لأمر مهم من أمور المسلمين ، مثل ولي أمر يريد أن يولي رجلا ما لا يصلح له ، ومثل رجل يريد أن يستفتي أو يتعلم منه ، ومنها أن يكون ذلك للتعريف ، كالألقاب ، ومنها ما يقع في الفتوى والتعلم ، فيجوز للمتعلم والمستفتي أن يوضح الحال فيما أريد السؤال عنه ، كقول المرأة للمفتي : زوجي كذا فما أفعل ، وقد صح في هذا حديث هند امرأة أبي سفيان وأنها قالت للنبي- صلى الله عليه وسلم- إن أبا سفيان رجل شحيح ، وجاز ذلك لحاجتها إلى علم ما يجوز لها أن تتناول من ماله ، وقصة الملائكة من هذا الباب ، لأن قصدهم إنما كان معرفة الحكم وإزالة الإشكال في ذلك والتعلم ، فكان ذلك من الغيبة الجائزة .

والجواب عن الوجه الثالث ، وهو أن قولهم : ونحن نسبح بحمدك إلى آخره جار مجرى الإعجاب من وجهين .

أحدهما : أنا لا نسلم أن ذلك من باب مدح النفس ، بل هو من التحدث بنعم الله عز وجل ، والتحدث بنعم الله شكر ، وقد قال تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم- وأما بنعمة ربك فحدث .

والثاني : أن ذلك جار مجرى الاعتذار عما ذكروه ، لأن قولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها في صورة الاعتراض ، فأراد الملائكة نفي توهم ذلك عنهم ، فأتبعوا سؤالهم بقولهم ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك يعنون الله تعالى أعلم ، أنا لسنا نعترض عليك في أمرك ، فإنا عبيدك المسبحون المقدسون .

والجواب عن الرابع هو أن إبليس كان من الملائكة وعصى ، وأن الناس اختلفوا فيه .

قال الإمام النووي : روي عن طاوس ومجاهد وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أنه [ ص: 498 ]

كان من الملائكة ، واسمه عزرائيل فلما عصى الله تعالى لعنه وجعله شيطانا مريدا وسماه إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله أي : أيس من رحمة الله تعالى ، والمبلس المكتئب الحزين .

قال الواحدي : والاختيار أنه ليس بمشتق لإجماع النحويين على أنه منع من الصرف للعجمة والمعرفة ، ثم قال وبهذا أي : بالقول أنه كان من الملائكة . قال ابن مسعود وابن المسيب وقتادة وابن جرير واختاره الرازي وابن الأنباري قالوا : وهو مستثنى من المستثنى منه ، قالوا وقول الله تعالى كان من الجن أي : طائفة من الملائكة يقال له الجن .

وقال الحسن ، وعبد الله بن يزيد ، وشهر بن حوشب : ما كان من الملائكة قط ، والاستثناء منقطع ، والمعنى عندهم أن الملائكة وإبليس أمروا بالسجود فأطاعت الملائكة كلهم وعصى إبليس ، والصحيح أنه من الملائكة ، لأنه لم ينقل أن غير الملائكة أمر بالسجود والأصل في الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه ، والله تعالى أعلم .

وأما إنظاره إلى يوم الدين فزيادة في عقوبته وتكفير معاصيه وغوايته . انتهى .

وقال القاضي : الأكثرون ينفون أنه ليس من الملائكة ، ويقولون : إنه أبو الجن ، كما أن آدم أبو الإنس .

التالي السابق


الخدمات العلمية