سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الخامس :

في كثرة أمراضه إذا لم يطل مكثه في المصانع .

روى أبو نعيم -في الطب- عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر على نهر من ماء السماء في يوم صائف ، والمشاة كثير ، والناس صيام ، فقال : «أيها الناس ، اشربوا» .

وقد نهى -عليه الصلاة والسلام- عن الماء المشمس ، فقد روى أبو نعيم -في الطب- عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : «سخنت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ماء في الشمس ، فقال : لا تفعلي يا حميراء ، فإنه يورث البرص»

. ومياه السباخ يتولد منها الأمراض البلغمية ، وبلدانها وبيئة .

روى أبو نعيم -في الطب- عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : لما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة ، قدمها وهي أوبأ أرض الله تعالى ، وكانت بطحاؤه تجري نجلا ، فوعك أبو بكر وبلال ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : اللهم ، بارك لنا في صاعنا ومدنا وصححها لنا ، وانقل حماها إلى الجحفة .

والماء العذب في الاغتسال أنفع من المالح؛ لأنه ينقي البدن ، والملح يورث الجرب .

روى أبو نعيم -في الطب- عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «مثل الصلوات الخمس كمثل نهر عذب جار أو غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ، ماذا يبقين عليه من درنه ؟ » ، وكثرة الاغتسال بالماء مما يتغير منه اللون ويسحب منه الجلد .

وروى الحاكم وصححه عن صهيب : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «ألا إن سيد الأشربة في الدنيا والآخرة الماء ، وأنفع الماء ما كان مصا ، ويقطعه على ثلاثة مرات» .

وروى أبو نعيم -في الطب- عن شهر قال : «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستاك عرضا ، ويشرب مصا ويقول : هو أهنأ وأمرأ وأبرأ» . [ ص: 104 ]

وروى فيه عن أنس قال : «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا شرب تنفس وقال : هو أهنأ وأمرأ وأبرأ» .

وفيه عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «تنفسوا في الإناء؛ فإنه أهنأ وأمرأ وأبرأ» .

وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتنفس في الإناء ثلاثا إذا شرب ويقول : «هو أمرأ وأروى وأبرأ» .

وأجود الأواني للشرب ما يظهر كل ما فيه من القذى وغيره ، وفيه عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا شرب قطعه ثلاثة أنفاس ، يسمي إذا بدأ ، ويحمد إذا قطع .

ونبيذ الزبيب يخصب البدن بسرعة ، وكان أحب الأشربة إليه -عليه الصلاة والسلام- الحلو البارد ، كما رواه أبو نعيم -في الطب- والترمذي والحاكم- وصححه- والبيهقي في شعب الإيمان .

ورواه ابن السني ، والبيهقي في الشعب- عن ابن عباس ، والبيهقي عن الزهري : أنه -عليه الصلاة والسلام- سئل : أي الشراب أطيب ؟ فقال : الحلو البارد .

وروى الثعلبي في تفسيره عن أنس -مرفوعا- : «إذا شرب أحدكم الماء فليشرب أبرد ما يقدر عليه؛ لأنه أطيب للمعدة وأنفع للعلة ، وأبعث للشكر» .

وروي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان -صلى الله عليه وسلم- يحب الحلواء والعسل ، وقد رواه عنها وقالت : إنه يسرو عن فؤادي ويجلو لي عن بصري ، وإذا شرب بعد الطعام دفع مفسدة الأغذية .

وعن عبد الله بن فيروز الديلمي قال : قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت : يا رسول الله ، إنا أصحاب أعناب كرم ، وقد نزل تحريم الخمر ، فماذا نصنع بها ؟ قال : تصنعونها زبيبا ، قالوا : يا رسول الله ، فنصنع بالزبيب ماذا ؟ قال : تنقعونه على غذائكم ، وتشربونه على عشائكم ، وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غذائكم» . [ ص: 105 ]

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : «ولا تؤخروه حتى يشتد ، ولا تجعلوه في القلال ولا في الدبا ، واجعلوه في الشنان فإنه إن أخر عن عصره صار خلا» رواه أبو نعيم -في الطب- .

ونبيذ التمر رخيم غليظ ، ويولد دما جيدا ، وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخلط الزهو والتمر ، وعن خلط الزبيب والتمر ، وقال : «انتبذوا كل واحد منهما على حدته في الأسقية التي يلاث على أفواهها ، فإذا خشيتم أن يشتد عليكم فأكثروا يبسته بالماء» . رواه أبو نعيم في الطب .

والزبيب يعد غذاء صالحا ، وأكله على الريق ينفع عللا كثيرا ، وينبغي أن لا يكثر أكله على الريق إلا مقدار ما لا يتخمر ، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل سبع تمرات أو سبع زبيبات ، رواه أبو نعيم في الطب .

التالي السابق


الخدمات العلمية