سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قال ابن العربي : السحر ، قول مؤلف يعظم به غير الله الكائنات والمقادير وهو من الكبائر بالإجماع ، قال مالك : الساحر كافر يقتل ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته .

وقال النووي : قد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا ، بل معصية كبيرة ، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا وأما تعمله فحرام وإذ لم يكن فيه ما يقتضي الكفر عذر فاعله واستتيب منه ، ولا يقتل عندنا ، وإن مات قبلت توبته .

قال القاضي عياض : ويقول مالك : قال أحمد بن محمد بن حنبل وهو يروي عن جماعة من الصحابة والتابعين .

الثاني : اختلف هل له حقيقة ، قال النووي : وهو الصحيح ، وبه قطع الجمهور وعليه عامة العلماء ، ويدل عليه الكتاب والسنة الصحيحة المشهورة ، أو لا حقيقة له ، وهو اختيار أبي جعفر الأستراباذي من الشافعية وأبي بكر الرازي من الحنفية وطائفة .

وقال الحافظ : محل النزاع هل يقع بالسحر انقلاب أعيان أو لا ؟ فمن قال : إنه تخييل فقط منع من ذلك ، والقائلون بأن له حقيقة اختلفوا هل له تأثير فقط بحيث يغير المزاج فيكون نوعا من الأمراض ، أو ينتهي إلى الإحالة بحيث يصير الجماد حيوانا مثلا وعكسه ؟ فالذي عليه [ ص: 179 ] الجمهور هو الأول ، وقال الإمام المازري - رضي الله تعالى عنه- : جمهور العلماء على إثبات السحر ، لأن العقل لا ينكر أن الله تعالى قد خرق العادة عند نطق الساحر بكلام ملفق أو تركيب أجسام ، أو مزج بين قوى على ترتيب مخصوص ونظير ذلك ما وقع من حذاق الأطباء من مزج بعض العقاقير ببعض حتى الضار منها بمفرده فيصير نافعا بالتركيب [وقيل : لا يزيد تأثير السحر على ما ذكر الله ، لأن المقام مقام تهويل ، والصحيح من جهة العقل أن] يقع به أكثر من ذلك ، والآية وإن كانت ظاهرة في ذلك فليست نصا في منع الزيادة .

قال الإمام المازري : الفرق بين السحر والمعجزة والكرامة أن السحر يكون بمعاناة أقوال وأفعال حتى يتم للساحر ما يريد ، والكرامة لا تحتاج إلى ذلك إنما تقع غالبا اتفاقا ، والمعجزة تمتاز عن الكرامة بالتحدي . [ ص: 180 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية