سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الثاني والأربعون في علاجه- صلى الله عليه وسلم- الاستسقاء والمعدة ويبس الطبيعة

روى الشيخان عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : قدم رهط من عكل على النبي- صلى الله عليه وسلم- فاجتووا المدينة ، فشكوا ذلك إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «لو خرجتم إلى إبل الصدقة فشربتم من أبوالها وألبانها ، فلما صحوا عمدوا إلى الرعاة فقتلوهم» الحديث .

وإنما أمرهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بشرب ذلك ، لأن في لبن اللقاح جلاء وتليينا وإمرارا وتلطيفا وتفتيحا للسدد ، إذا كان أكثر رعيها الشيح والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر ، وغير ذلك من الأدوية النافعة للاستسقاء ، خصوصا إذا استعمله بحرارته التي تخرج بها من الضرع مع بول الفصيل وهو حار كما يخرج من الحيوان ، فإن ذلك مما يزيد في ملوحة اللبن ، وتقطيعه الفضول وإطلاقه البطن .

وروى الطبراني في الكبير بسند ضعيف من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «المعدة حوض البدن والعروق إليها واردة . فإذا صحت المعدة صدرت العروق بالصحة وإذا فسدت المعدة صدرت العروق بالسقم» .

وذكر ابن الحاج في المدخل أن بعض الناس مرض بمعدته ، فرأى الشيخ الجليل أبو محمد المرجاني النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يشير بهذا الدواء ، وهو أن يأخذ كل يوم على الريق وزن درهم من الورد المربى ، ويكون ملتوتا بالمصطكى بعد دقها ، ويجعل فيه سبع حبات من الشونيز يفعل ذلك في سبعة أيام ، ففعله فبرئ . ومرض بعض الناس ببرد المعدة ، فرأى الشيخ المرجاني أيضا النبي- صلى الله عليه وسلم- وهو يشير إلى هذا الدواء وهو أن يأخذ أوقية ونصفا عسل النحل ودرهمين الشونيز ، ومثلها الأنسيون ونصف أوقية من النعنع الأخضر ، ومن القرنفل نصف درهم ، ومن القرفة نصف درهم وشيئا من قشر الليمون مع قليل من الخل ويعقد ذلك على النار ، فاستعمله فبرئ .

وروى البخاري في تاريخه الكبير والترمذي وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «بم كنت تستمشين ؟ » قالت : بالشبرم قال : «حار حار» قالت : ثم [ ص: 196 ] استمشيت بالسنا ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «لو أن شيئا كان فيه شفاء من الموت لكان في السنا» .

وروى ابن ماجه عن عبد الله بن حرام قال : سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «عليكم بالسنى والسنوت ، فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام» قيل : يا رسول الله وما السام ؟ قال : «الموت» .

وروى أبو نعيم في الطب عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «خير ما تداويتم به اللدود والسعوط والحجامة والمشي» .

التالي السابق


الخدمات العلمية