سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس فيما جاء أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يدور على بيوت أزواجه في مرضه

روى ابن سعد عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يحمل في ثوب يطوف على نسائه وهو مريض يقسم بينهن .

وروى البلاذري عن ابن إسحاق قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دير به على نسائه يحمل في ثوب يأخذ بأطرافه الأربعة أبو مويهبة ، وشقران ، وثوبان ، وأبو رافع مواليه وذلك أن زينب بنت جحش كلمته في ذلك فقال : أنا أطوف وأدور عليكن وأقام ببيت ميمونة سبعة أيام يبعث إلى نسائه أسماء بنت عميس يقول لهن : إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشق عليه أن يدور عليكن فحللنه .

وروى ابن سعد بإسناد صحيح عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن : إنه يشق عليه الاختلاف .

وروى ابن إسحاق- بسند فيه متهم وهو علي- كما في الصحيح والبخاري وابن سعد والحاكم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- الحديث المتقدم في الباب الأول ، وفيه : ثم استأذن نساءه أن يمرض في بيتي فقال : إني أشتكي ولا أستطيع أن أدور بيوتكن فإن شئتن أذنتن لي كنت في بيت عائشة ، فأذن له فخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- [يهادي] إلى بيتي وهو بين العباس وبين رجل آخر تخط قدماه الأرض إلى بيت عائشة ، وفي رواية عنها عند مسلم : فخرج بين الفضل بن عباس ورجل آخر ، وفي أخرى : بين رجلين أحدهما علي ، وعند الدارقطني أسامة والفضل وعند ابن حبان «بريرة ونوبة» بضم النون وسكون ونوبة الواو ثم موحدة ، قيل : هو اسم أمة ، وقيل : عبد ، وعند ابن سعد من وجه آخر والفضل وثوبان .

وجمعوا بين هذه الروايات على تقدير ثبوتها بأن خروجه تعدد فتعدد من اتكأ عليه .

وروى البخاري وابن سعد عنها أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يسأل في مرضه الذي مات فيه . أين أنا غدا ؟ أين أنا غدا ؟ يريد يوم عائشة ، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء ، وكان في بيت عائشة حتى مات عندها ، قالت : فمات في يومي الذي كان يدور على فيه ،

وفي رواية أن [ ص: 238 ] دخوله- عليه الصلاة والسلام- بيتها كان في يوم الاثنين ، وموته يوم الاثنين الذي يليه .

وروى الإسماعيلي قالت : «لما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في مرضه جعل يدور على نسائه ويقول أين أنا حرصا على بيت عائشة قالت : فلما كان يومي سلت» .

وروى البخاري والإسماعيلي والبرقاني عنها قالت كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول في مرضه : أين أنا اليوم ؟ أين أنا ؟ استبطاء ليوم عائشة ، فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري ، ودفن في بيتي» .

وروى البزار عنها قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا مر بحجرتي ألقى كلمة إلي ينفعني فمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوما فلم يكلمني ، فقلت : يا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فعصبت رأسي ونمت على فراشي فجاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : «ما لك يا عائشة» قلت : أشتكي رأسي ، فقال : بل أنا وارأساه ، وذاك حين أخبره جبرئيل- صلى الله عليه وسلم- أنه مقبوض ، فلبث أياما يحمل في كساء بين أربعة فيدخل علي فقال : «يا عائشة استبقي إلى النسوة» فلما جئن قال : «إني لا أستطيع أن أختلف بينكن فائذن لي أن أكون في بيت عائشة » ، قلن : نعم يا رسول الله فكان في بيت عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية