سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس عشر في جمعه- صلى الله عليه وسلم- أصحابه في بيت عائشة - رضي الله تعالى عنها- ووصيته لهم

روي عن مرة عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنهم- قال : نعى إلينا نبينا وحبيبنا- صلى الله عليه وسلم- نفسه قبل موته بشهر ، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة فنظر إلينا وتشدد ودمعت عيناه ، وتداوم القوم ونظر إلى الأرض وقال : مرحبا بكم- حياكم الله رحمكم الله آواكم الله قبلكم الله أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله عز وجل بكم وأستخلفه عليكم وأذكركم الله وأشهدكم أني لكم منه نذير وبشير أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه عز وجل قال لي ولكم تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين [القصص : 83] وقال : أليس في جهنم مثوى للمتكبرين [الزمر : 60] قلنا : متى أجلك يا رسول الله ؟ فقال : دنا الأجل والمنقلب إلى الله عز وجل وإلى سدرة المنتهى ، وإلى جنة المأوى والفردوس الأعلى والكأس الأوفى والعيش والحظ المهنى قلنا : فمن يغسلك يا رسول الله ؟ قال رجال من أهل بيتي الأدنى فالأدنى . [ ص: 254 ]

قلنا : ففيم نكفنك يا رسول الله ؟ قال : في ثيابي هذه إن شئتم ، أو فى بياض مصر أو حلة يمانية .

قلنا : فمن يصلي عليك يا رسول الله ؟ قال : فبكى وبكينا فقال : «مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا أنتم غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري هذا على شفير قبري من بيتي هذا ثم اخرجوا عني ساعة ، فإن أول من يصلي علي خليلي وحبيبي جبريل ، ثم ميكائيل ثم إسرافيل ، ثم ملك الموت معه جنوده بأجمعهم مع الملائكة عليهم الصلاة والسلام ، ثم ادخلوا علي أفواجا فصلوا علي وسلموا تسليما ، ولا يؤمكم أحدا ، ولا تؤذوني بتزكية ولا بضجة ولا برنة أقرؤوا أنفسكم مني السلام ، ومن كان غائبا من أصحابي فأبلغوه عني السلام ، وأشهدكم أني قد سلمت على من دخل في الإسلام ومن تابعني على ديني إلى يوم القيامة قلنا : فمن يدخلك قبرك يا رسول الله ؟ قال : رجال من أهل بيتي ، الأدنى فالأدنى مع ملائكة كثير ، يرونكم من حيث لا ترونهم .


روى البزار عن محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي ، حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن ابن الأصبهاني عن مرة بن عبد الله ، وعبد الرحمن هذا لم يسمع من مرة كما قال البزار بينه وبينه اثنان كما عند ابن منيع والطبراني ، أو ثلاثة كما عند ابن جرير والطبراني وخلاد بن مسلم الأسدي الصفار والأشعث بن طليق ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .

روي عن الحسن العرني وروي عن خلاد بن مسلم الصفار أبو مسلم ثقة في الكوفيين ، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك ، وذكره الأزدي في الضعفاء وتبعه وقال : لا يصح حديثه لكنهما صحفا اسم أبيه فقالا : طابق .

والحسن العرني هو ابن عبد الله ثقة من رجال البخاري ومسلم ، ورواه ابن سعد عن شيخه محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن ابن مسعود به .

قلت : ورواه أحمد بن منيع في مسنده والطبراني في «الدعاء» عن ابن الأصبهاني عن الأشعث بن طليق أنه سمع الحسن العرني يحدث عن مرة عن ابن مسعود .

ورواه ابن جرير عن محمد بن عمر الصباح الهمذاني ، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن حدثنا مسلم بن جعفر البجلي قال : سمعت عبد الملك بن الأصبهاني عن خلاد الأسدي قال : قال عبد الله بن مسعود يذكره . [ ص: 255 ]

ورواه ابن سعد عن محمد بن عمر قال : حدثني عبد الله بن جعفر عن أبي عون عن ابن مسعود به .

ورواه الطبراني في «الدعاء» من طريق ابن عيينة حدثني نبيط بن شريط عن عبد الملك بن عبد الرحمن الأصفهاني عن الأشعث بن طليق أنه سمع الحسن العرني يحدث عن مرة .

ومن طريق محمد بن أبان البلخي ، حدثنا عمرو بن محمد العبقري حدثنا عبد الملك الأصبهاني حدثنا خلاد بن الصفار عن الأشعث بن طليق عن الحسن العرني عن مرة .

ورواه البيهقي من طريق سلام بن سليم الطويل عن عبد الملك بن عبد الرحمن وقال : انفرد به سلام الطويل وقد علمت مما تقدم أن سلام لم ينفرد به .

وروى أبو الحسن بن الضحاك من طريق سيف عن بشر بن الفضل عن أبيه ، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في مرضه الذي توفي فيه لأبي بكر : «اجمع لي يا أبا بكر الأربعين الذين سبقوا الناس إلى هذا الدين ، وأودع عمر معهم ففعل ، وكان قبل وفاته بخمسة عشر ليلة ، فخلص لهم ودعا لهم ، وعهد عهده وهم شهود ، وهي آخر وصية أوصاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

وروى ابن أبي شيبة وأبو يعلى والنسائي في «الكبرى» عن أم سلمة - رضي الله تعالى عنها- قالت : والذي أحلف به إن كان علي لأقرب الناس عهدا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوم قبض في بيت عائشة فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- غداة بعد غداة يقول : جاء علي ، مرارا قالت فاطمة : كان بعثه في حاجة ، فخرجنا من البيت ، فقعدنا عند البيت ، فكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه علي فجعل يساره ويناجيه حتى قبض من يومه ذلك ، فكان أقرب الناس به عهدا . [ ص: 256 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية