سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
فصل فيما روي من تعظيم الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- للنبي- صلى الله عليه وسلم-

روى مسلم عن عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنه- قال : وما كان من أحد أحب إلي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيقه أن أملأ عيني منه إجلالا له .

وروى الترمذي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر ، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمر ، فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما ، ويتبسمان إليه ويتبسم إليهما .

وروى أبو داود عن أسامة بن شريك - رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت [ ص: 394 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحوله أصحابه ، عليهم السكينة والوقار ، كأنما على رؤوسهم الطير ، فسلمت ثم قعدت .

وقال عروة بن مسعود : كنا في الصحيح حين وجهته قريش عام القضية إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى أنه لا يتوضأ وضوءا إلا ابتدروا وضوءه ، وكادوا يقتتلون عليه ، ولا يبصق بصاقا ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم ، ودلكوا بها وجوههم وأجسادهم ، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون النظر إليه تعظيما له ، فلما رجع إلى قريش قال : يا معشر قريش ، إني جئت كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكا قط في قومه يعظمه أصحابه ما يعظم محمدا أصحابه ، وقد رأيت قوما لا يسلمونه أبدا .

وروي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : لقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والحلاق يحلقه ، وقد أطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل .

وفي الصحيح ، أن قريشا لما أذنت لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه- صلى الله عليه وسلم- إليهم في القضية أبى أن يطوف ، وقال : ما كنت لأطوف به حتى يطوف به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- .

وروي عن البراء - رضي الله تعالى عنه- قال : لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن الأمر فأؤخره سنين من هيبته- صلى الله عليه وسلم- .

وروى الترمذي وحسنه عن طلحة - رضي الله تعالى عنه- أن أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- قالوا لأعرابي جاهل سأله عمن قضى نحبه من هو وكانوا لا يجترئون على مسألته يوقرونه ويهابونه [فسأله ، فأعرض عنه ، إذ طلع طلحة ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : هذا ممن قضى نحبه] .

وروى عن المغيرة بن شعبة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقرعون بابه بالأظافير .

وقد تقدم في باب هيبته ما فيه كفاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية