السادس عشر : في 
الكلام على قوله تعالى : أفتمارونه على ما يرى 
[النجم : 12] .  
[ ص: 47 ] ابن القيم   : «أنكر عليهم سبحانه وتعالى مكابرتهم وجحدهم له على ما رآه مما ينكر على الجاهل مكابرته لعالم ، ومماراته له على ما علمه» . 
اللباب : «قرأ الأخوان : «أفتمرونه» بفتح التاء وسكون الميم ، والباقون «تمارونه» ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود   nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي   : «أفتمرونه» بضم التاء وسكون الميم . فأما الأولى ففيها وجهان : أحدهما : أنه من مريته حقه إذا غلبته عليه وجحدته إياه ، وعدي بعلى لتضمنه معنى الغلبة ، وأنشدوا : 
لئن هجرت أخا صدق ومكرمة لقد مريت أخا ما كان يمريكا 
لأنه إذا جحده حقه فقد غلبه عليه . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد :  يقال مراه عن حقه وعلى حقه إذا منعه منه ودفعه عنه . قال ومثل «على» بمعنى «عن» قول 
بني كعب بن ربيعة  رضي الله عليك أي رضي عنك» . 
ابن القيم   : «على بابها ليست بمعنى «عن» كما قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ،  بل الفعل متضمن معنى المكابرة ، وهذا في قراءة الألف أظهر . 
الثاني : أنه من مراه كذا على كذا أي غلبه فهو من المراء وهو الجدال» . وأما الثانية : فهي من ماراه يماريه ، جادله واشتقاقه من مرى الناقة ، لأن كل واحد من المتجادلين يمري ما عند صاحبه . وكان من حقه أن يتعدى بفي كقولك : جادله في كذا . وإنما ضمن الغلبة فعدي تعديتها . وأما قراءة 
عبد الله  فمن «ماراه» رباعيا ، والمعنى : «أفتجادلونه» ، أي كيف تجادلونه على ما يرى مع أنه رأى ما رأى عين اليقين؟ ولا شك بعد الرؤية . 
 nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي   : «والمعنيان متداخلان لأن مجادلتهم جحود ، وقيل : إن الجحود كان دائما منهم وهذا جدال جديد» . 
ابن القيم   : «القوم جمعوا بين الجدال والدفع في الإنكار ، فكان جدالهم جدال جحود ودفع لا جدال استرشاد وتبيين للحق . وإثبات الألف يدل على المجادلة ، والإتيان بعلى يدل على المكابرة ، فكانت قراءة الألف متضمنة للمعنيين جميعا ، وذلك أنهم جادلوا حين أسري به ، فقالوا صف لنا 
بيت المقدس ،  وأخبرنا عن عيرنا في الطريق ، وغير ذلك مما جادلوه به . 
والمعنى : أفتجادلونه جدالا ترمون به دفعه عما رآه وعلمه وتيقنه؟ فإن قيل : هلا قيل : أفتمارونه على ما رأى؟ بصيغة الماضي ، لأنهم إنما جادلوه حين أسري به كما تقدم ، وما الحكمة في إبرازه بصيغة المضارع؟ فالجواب أن التقدير : أفتمارونه على ما يرى؟ فكيف وهو قد رآه في المساء ، فماذا تقولون فيه» ؟ .