سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
التاسع عشر : في الكلام على قوله تعالى : عندها جنة المأوى [النجم : 15]

قال القرطبي : هذا تعريف بموضع جنة المأوى وأنها عند سدرة المنتهى ، وهي عن يمين العرش ، وقيل أوى إليها آدم عليه الصلاة والسلام إلى أن أخرج منها . وقيل : إن أرواح المؤمنين كلهم في جنة المأوى ، وهي تحت العرش فيتنعمون [بنعيمها ويتنسمون بطيب ريحها] . وقيل : لأن جبريل وميكائيل عليهما السلام يأويان إليها .

اللباب : «جملة ابتدائية في موضع الحال ، والأحسن أن يكون الحال الظرف ، وجنة المأوى فاعل به . والعامة أن جنة اسم مرفوع وقرأ أمير المؤمنين علي ، وأبو الدرداء ، وأبو هريرة ، وابن الزبير ، وأنس من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وزر بن حبيش ، ومحمد بن كعب من التابعين : جنه فعلا ماضيا ، والهاء ضمير المفعول يعود للنبي صلى الله عليه وسلم ، والمأوى فاعل [ ص: 51 ] بمعنى ستره إيواء الله إياه . ويقال ضمه البيت والليل ، وقيل جنه بظلاله ودخل فيه» .

قال الإمام الرازي : «ويحتمل أن يكون الضمير في «عندها» على هذه القراءة عائدا إلى النزلة ، أي عند النزلة جن محمدا المأوى ، أي ستره ، والصحيح أنه عائد إلى السدرة» .

اللباب : «وهذا قول الجمهور ، وقد أنكرت عائشة رضي الله تعالى عنها هذه القراءة ، وتبعها جماعة وقالوا : «أجن الله من قرأها» . فإذا ثبتت قراءة عن مثل هؤلاء فلا سبيل إلى ردها .

ولكن المستعمل إنما هو «أجنه» رباعيا ، فإن استعمل ثلاثيا تعدى «بعلى» ، كقوله تعالى :

فلما جن عليه الليل [الأنعام : 76] . وقال أبو البقاء : هو شاذ والمستعمل : أجنه» .

التالي السابق


الخدمات العلمية